السبت، 8 يونيو 2013

أحلم أن تعود ....[ قلب منسي 14] ♥♥♥


من : يتيم بفقد أبدي 

لففت للمرة الأخيرة في هذه الليلة على غرفهم , نأكدت أن الآلة الموسيقية تعمل فوق راس ابني , و ان لعبة ابنتي ما تزال بجانبها لم تقع . توجهت بقدماي المتورمتان الى المطبخ تناولت كأس و انزلته تحت الصنبور ليمتلئ بالماء, جال بخاطري منظرها و هي تملئه لي بيديها الملونة بالحناء , لم افقد الصبر ابدا بتتبع خطوط الحناء الى نهايتها , و دوما كنت اصل الى انحناءة باخرها نقط خفيفة , و هي تكاد تستهزء بي , لن تعرف نهايتي ابدا , و حتى بدايتي , انا الان امتلك يدها , انظر لي عند مفاصلها , بالقرب من اظافرها ,احيط رسغها دون ان ادع لك مجال لتحضنه, حتى انها خافت علي برهة من الوقت حتى جففت , امتلكت اهتمامها ولو لبرهة .
استيقظت من سباتي و انا استشعر بالماء يتسلل الى يدي , اغلقت الصنبور بسرعة , و شربت الماء , نظرت الى بيتي الذي اصبح خاليا منها , هي التي ما فارقتني منذ 15 سنة , كنا عاشقين بالسر قبل زواجنا , و عندما اخترقت حاسوبها و جعلت كل الملفات التي عليه مكتوب بها [ هل تتزوجيني ؟ ] حتى الصور و كل المواقع التي ستقتحها لا تفتح , بل يتغير الرابط الى صفحة إلكترونية  مكتوب عليها [ هل تتزوجيني ] و صورة خاتم صغير بجانبه . حتى تم الزواج و انجبنا طفلين ربيناهما بنفس الجنون الذي عشقنا به بعضنا البعض .

بالنسبة لي لم يكن أكبر مخاوفي هو تغيير حفاض ابني أو حتى كيف ساحمل ابنتي , المشكلة التي تغزوني هي كيف سأكون اب و أم بنفس الوقت ؟, بم سأجيب أطفالي لو سألوني يوما أين أمي ؟ . كلما اشرقت الشمس كنت اخاف من هذا السؤال الى ان اراهم نائمين , ويعود الخوف كل يوم , كاذب من قال أننا نعتاد على الفقد , إننا إن فقدنا يوما نصبح يتامى الفقد للأبد .
خرجت مسرعا من المطبخ و أنا احاول الهرب من ذكرياتي التي تفيض بهذا المكان , فهنا قد أكلنا باول يوم لنا كمتزوجين , و هنا أول أكلة تناولتها من يديها , استغربت بذلك اليوم كيف انها كانت ماهرة بالطبخ الى حد يجعلك تقترب من الموت من كثرة الاكل , و هنا  عندما تشاجرنا و ارتفعت اصواتنا حتى ادارت ظهرها عني و سمعت صوت شهقاتها و حتى اني سمعت صوت سقوط دمعاتها , لم اكن اقصد حبيبتي والله لم أكن أقصد , لكني حضنتها بسرعة و همست لها : [ احبك , حتى لو تشاجرنا احبك , سابقى ها هنا بجانبك ] 
الان و انا اتذكر ما حدث يتمزق قلبي و يكاد ينفطر , أنا الذي انزلت دمعاتها يوما , ترى هل هي الان قد سامحتني ؟
جلست على سريرنا و انا المس قلبي حتى لا يبكي , قد بكيت طويلا و لم تعد , يجب ان اعود الى قوتي من اجلهم . اغمضت عيناي و عندما فتحتهما كنت اريد ان انساها لبعض الوقت , حتى اعود الى نفسي يجب ان انساها .
نظرت على يميني فوجدت التقويم بجانبي , سحبت منه ورقة , حتى تفاجأت بالورقة الثانية مكتوب عليها : [ اليوم ليس به شيء مميز حدث معنا , او على الاقل ليس مدون في مذكراتي شيء عنه , ربما من فرط السعادة التي حظيناها بهذا اليوم نسيت ان اكتب عنه , حبيبي دعنا اليوم ننسى انفسنا من فرط السعادة , اسحب هذه الورقة كعادتك في الصباح و عندما تأتي مساءا فإني قد حضرت لك ليلة رائعة بها انا و انت و طفلتنا الصغيرة في بطني ] 
تاكدت حينها انها حولي , هي هنا هي هناك , كانت من عادتها ان تكتب كل التواريخ المهمة في علاقتنا على التقويم لانها تعلم انني انسى ليس كرها لها او تقليلا بحبها , فقط لانني انسى كثيرا , و كنت من عادتي ان اسحب الورقة كل صباح حتى لا انسى اهمية اليوم , ايتها الروح الشرقية التي اكتب اليها , لعلك قد تغيري من قصتي لتجعليها تليق بقراء من طبقة راقية , لكنني على يقين ان الفقد يجعلنا متساوون , كلنا نبكي ليلا لفراق و كلنا نتمنى من قلبنا و بشدة ان يعودوا , انني اكتب رسالتي هذه و انا اذرف دمعا , انا اعلن انني رجلا لم يحتمل فقد امراة , انني ابكيها ليلا نهارا , لا يواسيني ان لها قلبا ينبض , و لا ان هنالك أمل بان تعود , انني فقدتها , بذاك اليأس الذي تكنه الارض لأن تعانق السماء , بيأس لحنا يُنَشّز أن يطرب أذنا ما .
كانت ليلتي كهلاك بل انها هلاك ككل ليلة , لم احتمل , خرجت مسرعا من شقتي الى المستشفى , حملت معي طفلي الصغير و طفلتي اللذان ما يزالا يرتديان ثياب النوم , لأول مرة ساصطحبهم الى أمهم و هي في هذه الحالة .
كان شيء بداخلي يدعوني أن أخذهم اليها , كانت صورتها تزورني في أحلامي من أيام , و هي ترتدي ثياب بيضاء بلا ملامح و تقول لي : حبيبي لا توقف القدر , امضي امضي امضي . و كانت تردد هذه الكلمات حتى تختفي و استيقظ فجأة .
لكثرة زياراتي المتتالية للمستشفى بات دخولي غير المصرح به شيء اعتياديا , حتى طفلاي لم يتأففا ولو لثانية, تعجبت كثيرا لكني مضيت . 
شيء من الرعب تسلل بداخلي كلما خطوت باتجاه غرفتها , كنت اتنفس الغيظ اشهق التعب و ازفر أنين , وصلت اليها كانت كعادتها ملائكية حتى بموتها الصغير , صوت قلبها كان يملئ الحجرة حتى انني ما استطعت ان اسمع بكاء طفلي , كنت مدهوشا لا استطيع الحراك , حتى مسكت طفلتي  اخاها و اسكتته , عندما عدت من غيبوبتي نظرت اليها و هي تحمل اخاها ابتسمت , قلت في نفسي إنها طفلة حنونة لا تستحق أن تضيع طفولتها و ان تضيع لحظة بكاءها  لتسكت اخاها , حملته عنها و أرحتها على الكنبة المجاورة لسرير زوجتي , لكنها أبت ان تتمدد , و ظلت واقفة ممسكة بيد زوجتي و هي تدندن لها بأغنية كانت دوما تغنيها لها زوجتي .
حتى طفلي سكت و أراد أن يجلس على طرف السرير و عندما اجلسته كانما كان بنار و ادخلته للجنة , أراح رأسه على بطنها و بدأ يلعق بإبهامه , حتى نام , كنت ما ازال مصدوما من اطفالي , شعرت بشيء من حضورها هنا , شعرت بانها قد عادت , امسكت يدها , و انا اخبرها بليلتي لكن همسا حتى لا انشز على النغم الرائع الذي تغنيه ابنتي .
أرحت راسي ايضا على طرف سريرها و أغمضت عيناي , شعرت بامان كبير , كأنني طيار حربي خاض حروبا كثيرة و لأول مرة تقع قدمه على الارض , على الوطن الذي اغترب منه سنينا طويلة .

حلمت بها هذه الليلة و هي تلبس نفس البياض الذي تلبسه كل ليلة  , لكنها الان تبدو مبتسمة جدا , انها تدندن بنفس نغم ابنتي و تحضن ابني بيديها بتملك امومي , قالت لي : [ لا تخف عزيزي انني عائدة لقدرك..لم تنتهي قصتي الى الان ... انت و طفلاي اعدتموها الى الابجديات .. انتظرني ... فالليلة نسينا انفسنا و كل ما مضى لفرط سعادتنا .] و راحت تردد كثيرا بهمس [ سأعود .. سأعود ].


بقلم :
روح شرقية 

الجمعة، 7 يونيو 2013

حنين الى ماضٍ ....♥



لملمت أشلائي مجروحة الثنايا ...
و وضعت كل ما يمكن أن احمل حنين إليه في غربتي
و رحلت ...

كنت قبل هذا الوقت ... قبل هذه الموتة ..
أسمى ناوية الرحيل ..
لكني غيرتني ..
حتى ملامحي غيرتها ...
أصبحت أكتب بيساري ..
أكل ما كنت استفرغ لدى سماع اسمه ..
أصبحت امراة بكينونة لا اعرفها
لكنها تريحني
فأنا الان غريبة على نفسي ...
عندما أتكور في الليل ..
و يحل الظلام على ارجاء قلبي ..
و تبدأ اصوات الفراغ تعشعش في المكان ..
احتضن نفسي و اشكي لنفسي
التي انا غريبة عنها ...
فارتاح ..
ابكي قليلا في حضن نفسي
ثم ارحل عن نفسي و انام ...
في صباح اخر ..
أكن قد نسيت ما حدث ليلا ...
فإعاود الكرة ..

هل هذا ما يسمى بسكرة الغربة ؟
هل انا الان ضائعة في سراديب نفسي ؟
لا اعرف ابجديتي ..
ربما لو سالني أحدهم : ما اسمك ؟
أقول : انت تعرف اكثر مني ...

انا الان هويتي متغيرة
فقط حقيبة سفر
و نية بالرحيل

يا ليتني لا افقد انتشائي بمنفاي
إني عاشقة لصفير الخمول في قلبي ..

إني ناوية الرحيل 

الجمعة، 24 مايو 2013


الى كل متابعي الصفحة 
و الاوفياء لها ...

أقدم لكم مقابلة كانت معي شخصيا 
على الراديو 

هو شيء صغير لإشراككم بتفاصيل حياتي ...
أتمنى أن تستمتعوا 

http://shababjo.net/school/wp-content/themes/school/player.php?p=734 

اترقب أرائكم


روح شرقية \ شذى البشتاوي

الأحد، 19 مايو 2013

بعض من القدس ... [ قلب منسي 14] ♥♥










من : الموت البارد





تكفن أضلاعه تلك الارض الباردة الملقى عليها , يجتاحه شيء من خوف و غضب دام سنين لم يطويها القدر , فكاتب هذا التاريخ يمرعلى الأمهات كل صباح, على الاطفال في نحيبهم و الشرود الصغيرفي اعينهم , يمر على الرجال حين يُغَطِّسون خبز القدس في زيت رام الله ثم يلتهمونه مع زعتر يافا , يمر على كوب شاي بيد عجوز تَعُدُّ أيّام عمرها مع كل زيتونة مجففة في مسبحتها و يمر على خطوط ثوبها كي يستأذن من الثنايا أن يدير صفحة التاريخ يومًا بعد , يمر على جنود يحملون البنادق بأيديهم كما لو أنها أطفالهم البكر كما لو أن الله خلقهم مدججين بالسلاح , كبثرة على وجوههم يحاولون التخلص منها لكنها باقية بأثر أو بدونه فهي قد داست على وجوههم و قالت بملئ فاهها قد كنت هنا , أنا بخلخالي المرصع ببكاء الأطفال كنت هنا, انا بنحيب امراة بجانب جثة زوجها و أربعة من أطفالها كنت هنا , انا بمنبر قد قدسه الشعوب كثأر من السماء كشكل من الآلهة كان محرما أن يمسه غير النساك , لكني ببعض من خبثي المعهود أمسيته رمادا وكنت هنا ,و أمام وجوه ملايين الذين يحملون بقايا عزة الايوبي و أنفة الخطاب إبتسمت بكل غرور و تحديت ما فيهم أن يتقدموا خطوة , و رفعت رايتي بنصر و تأخروا هم خطوة .

كانت برودة الارض تتلاشى امام حرارة الصواريخ فوق رأسه ,و صوت التفجر حوله ليس سوى صدى الألم من جوف هذا الوطن, كما لو أن الدخان غطاء السماء المخصص لهذه البقعة من الارض . رويدا تساقطت قطرات العرق من أرنبة أنفه الى يده التي ترتجف مع كل دقة ثانية, و كل طرقة باب من يد محتلة , يقلب بين أصابعه النحيلة عشرة حبوب دواء و نيف , ضجيج تقلبهم بين اصابعه كما لو انه نوتات شاذة لا أكثر إذا ما قورن بحلبة المصارعة القائمة داخله , كان كمن بداخله يقبع الموت بلا حياء أو خجل ينظر الى عينيه الى كتفيه الى يديه ينظر الى كل ما بداخله و يخيط على كل ما بداخله بيوت عناكب و بعض من الديدان , يجعله فارغ لا يعرف شيء من هذه الحياة سوى النكران , يجبره على الصمت المميت , حتى الرياح ما عادت تهب داخله , و تمتات النفس أمست من الماضي , أصبح وجه الموت الآخر إذا ما أعلن الموت أن وريثه في الارض .

صفعة من ملائكة أدّت حق الجوار فزارت جارها , تذكر كوفيته التي كان يلفها حول أنفه و حجارة البيوت بين يديه , تذكر أباه عندما كان يحضره الى صلاة الجمعة و يحضره في كل مظاهرة كانت تقوم , تذكر عندما كانت القنابل المسيلة للدموع بين قدميه , و عندما كان يركض خلف والده يحاول اللحاق به , و كيف أن الرجولة تصرخ لتعلن وجودها عندما حاول أحد الشبان أن يحمله ليبعده عن الرصاصات و تذكر عندما قال أباه لذاك الشاب بكل إصرار و بنبرة حزم : دعه يركض , فقد تركت أمه ترضعه من
ثديها تراب الوطن سنينا طويلة لكي يعتاد طعم التراب من الان فأنا لم أنجبه الا ليكون شهيدا آخر يرفع أرض هذا الوطن شبرا آخر بجسده عندما يدفن بالتراب .

سنين الغربة التي قضاها بعيدا عن ذاك الشيء المسمى [ بالوطن ] أنسته بأي إصبع يجب أن يصافح به الموت , لولا أن رئتاه رفضت ان تتنفس هواء المنفى و رفض جبينه أن يقبل تراب لم تدسه جنازة لا نهاية لها , و رجال بها يكفكفون الدمع بطرف ثوبهم . تاريخ بألف إصبع مرفوع بالشهادة يدفن أمام عينيه تحت التراب و لا يبقى منه سوى شاهد ضريح و ورد ذابل النهايات , لولا ذلك لما عاد الى أشلاء وطن مرمي على أطراف الكون. في ليله يسقط الظلام و تتحرك نسمات الهواء كحارس إلهي يطمئن أن كل باب مغلق و أن كل القلوب تنبض مرة واحدة تُحس بها كما لو أن الارض تشهق و ترتفع الى السماء العليا تشبك أصابعها بأصابع الملائكة و تسري شيء من القدسية داخلها ثم ترجع الى الارض بلا ذنوب كصفحة بيضاء مخدوش طرفها .

بينما هو يشذ عن نبض الوطن إذ رأى أن هنالك شعاع من ضوء قد ثار على الظلام الذي حوله و تسلل ليعلن ان الثورة شيء بالفطرة شيء يدفعنا لنعيش دقيقة أخرى لنثور على الموت الذي لا ينفك يلمس قلوبنا يوما بعد يوم يبث فيها خوفه الذي بدأ يتلاشى ,لان الموت ببساطة أصبح كإرتشاف القهوة كل صباح .

رأى من خلال ذاك الثقب أطفالا ملطخون بتراب و دماء يحفرون بقبر و يحفرون , شعر بأن وجوههم تبدو مألوفة , فملامحهم توحي بالرجولة و الشقاء الشيء الذي لازمه كظله طوال حياته . قطب حاجبيه عندما رأى الاطفال يخرجون جثة طفل بمثل عمرهم كان وجهه كبدر افتٌقِدَ في ليلة عائلة ما , أجلسوه على صخرة و أراحوا ظهره على الجدار مسك أحدهم رأسه بقوة و قال صارخا : لقد نمت قبل أن نكمل لعبتنا , أأوقفت لعبتنا لكي تذهب لتنام ؟ أأوقفتها لكي ترى بكاء أمي ؟ أأوقفتها لكي ترى كيف أن كبارا بقامات مختلفة لم نراهم يوما بالعيد حملوك على أكتافهم و ساروا بعيدا ؟كنت أحاول أن أراك بطرف عيني لكني ما استطعت . أأوقفتها لكي تلبس هذا الابيض يا أخي ؟ سنكملها
الان و ستلعب معنا كما لو أنها لعبتنا الاولى .

سقطت دمعاته الممزوجة بعرق جبينه ,و شعر ان هنالك شيء مؤلم يسري بقلبه حتى معدته و قدماه , انتفض شيء بداخله و تزلزل , نظر الى يديه التي لطالما رفعها بوجه محتل حقير , كيف أنها الان تحمل حبوب الدواء لينتحر لأنه فقط خائف .

ابتسم بطرف فمه ابتسامة سخرية لما أصبح عليه , علم حينها أن الأمر ليس بالفطرة فقط و ليس بأب يلقنك حلم منذ الطفولة و ليس بأصوات رصاصات و قنابل تعتاد عليها , إن حب هذه الارض ممزوج بالهواء تتنفسه و يجري بدمك مجرى الماء و الملح في شريان أسير خلف قضبان الايادي .

ابتسم ابتسامة سخرية لإنه اكتشف أن ذاك الشهيد الطفل لم يكن سوى اخيه و أن الطفل لم يكن سوى هو في صغره , و أن الثقب لم يكن في الجدار بل كان بروحه التي عشعش بها الموت حتى أظلمها .








حبيبي بيننا ثأر ♥♥♥




حبيبي دعني أشكي لك قليلا ...
دعني أخبرك أن الليالي طالت و انا أنتظر شيء من حبك القديم ...
حبيبي ليلة أمس نمت و انا ابكي ..
لا تعتقد أني ابكي حبنا فقط ..
بل اني ابكيك .. و ابكي ذكرياتنا
و ابكي أحلامنا الساذجة ..

حبيبي بيننا ثأر من حب و قُبَل ..
لم تثأره بعد ..
و بيننا كفوف كانت ستولد البارحة و الان و كل يوم ...
لكنها ما ولدت ..

حبيبي لو كان الان بين يدي أبجدية تكفيك ...
لرسمت طريقي اليك بالحروف ..
لكني عارية من الاحرف و الكلمات ..
انتظر من حضورك أن يغطيني بغزل و نثر و لا أمانع بالرثاء ...

حبيبي يا ليت للفتيات رجلا مثلك ...
يا ليتك كنت تملك كباقي البشر اربعون شبيها ..
لكنك يا رجلي الوحيد لا تتكرر ... وحيد بين البشر ..

حبيبي تذكرني كل يوم ..
تذكر صباحنا المليئ بالقهوة .. و كلمات الغزل الصباحية ..
تذكر المباريات الرياضية و كيف اننا نكاد نطير مع كل هدف يحرزه فريقنا المفضل
و نرمي الفوشار على الارض عند كل خسارة ..
تذكر كيف كنا نحلم بأطفالنا .. و كيف أننا ليلا كنا نسرق الشوكولاتة من الخزانة
و نخرج نأكلها على [ السطح ] و كيف اننا بيوم ما استطعنا ان ننزل
و نمنا سويا فوق ..
و بتنا يومنا التالي في المشفى .. نتعانق بنظراتنا
و الألم يكاد يعتصر قلوبنا ..
حتى انك ما استطعت ان تبقى على سريرك و قمت الى سريري و طمأنتني ..
رغم ان ألمك كبير .. لكنك ما اعتدت الا ان تكون لي و معي و بجانبي ..
أحبك


كان شيء جميلا ما عشناه سويا
بل كان اكثر من جميل
احفظه بقلبك ...
لا تخبئ حبك .. لا تخجل من أن تحب بعدي ..
جاهر يا حبيبي ... و اصرخ عاليا باسم من احببتها
و لا تخف على أذني فإني لن اسمع اسمها من فمك ...
و شفتاك اللتان اخبرانني يوما [ بحبك يا هبلة ]
لن انساهما =)



بقلم :
روح شرقية 

الجمعة، 10 مايو 2013

بين جدران فلسطين ...[ قلب منسي 13 ]♥♥





من : خلف قضبان الايادي

باطراف اصابعي و بإطراف قلبي , مررت عيني الى خارج الثقب في الجدار رأيت شيء لا يشبه أي وطن , أرض جرداء تلفها السماء بتململ و كأنها مجبرة  لا حبا لها , تأسفت على عيناي اللتان لم تريا وطني منذ زمن , شعرت بان تعويذة الاحتلال طغت عليهما  حتى انهما لم يستطيعا رؤية أي شيء سوى الجلاد و سوطه المذبوج .
دماء تلك التي تسيل من جبهتي و من فمي و من ظهري , لم اعد اشعر بألم نزفهمها , فقط ألمي و أقسم أنه ألمي الوحيد , ابتعادي عن وطن كنت استيقظ على فجره , ازعم ان النهار يبدأ من وطني مستئذنا ليمر على الكون ثم يعود الليل و يتأسف منه مطأطأ رأسه لانه سيغلق الستار و بانانيته المعهودة سوف ينظر لوطني وحده و يمنع الكون من ان يراه .
علمت أنني سانجب طفلا عمّا قريب ربما بعد أيام أو أقل  لكني خبأت الأمر و قاومت من اجله , إنه طفلي الأول لا استطيع ان اهدره كما اهدروا العرب من قبل أقصاي , حاربت من اجله , كنت أتلوى لاتلقى الجلد على ظهري , أحاول ولو قليلا ان امنع الايدي ان تطول بطني , رحمي , طفلي ذاك النطفة التي تكبر داخلي و يكبر معها تمسك أكبر بالأرض , نمت ليلا و انا اهمس لطفلي باكية : [ انا معك حبيبي , لن اتركك , ستخرج يوما و انت تعلم ان هذه الارض مهزلة , ستدفع عمرك لغاية واحدة , و تموت من اجلها , فقط اخرج ] , لا أخفي أني كنت اشعر بشيء من الطمأنينة لأنني لست وحدي هنا , إنه معي , رغم انه مخفي يتوارى خلف الانظار الا انه هنا .
فجأة سمعت دقات قفل الباب و هي تفتح هذه المرة الوحيدة التي خفت بها ليس لاني خائفة منهم , بل لاني اخاف على طفلي من صوت تألمي , لا أريده أن يخرج ضعيفا , اقتربت مني السجانة و مسكت كتفي و قالت بلغة يصعب ترجمتها اثناء الارتجاف : تعالي ورائي , المحقق يريدك .
مشيت بهدوء دون أن أنطق بالكثير , مسكت بطني احاول بيدي ان اخفي طفلي رغم انه غير ظاهر  , لكني اشعر بان الجميع يرونه , و يريدون ان يأخذوه مني , مشيت بذاك الممر المظلم و انا اسمع صوت آهات من الابواب التي أمر عليها , كنت اتمنى لو ان ظهري غير مقوس من الألم لكي ازحف الى كل قلب اسيرة خلف الابواب و اطمئنه .
دخلت الغرفة و كان بها رائحة من سجائر اعتدت ان تطفئ على جسدي , اقشعر بدني من الذكرى , لكني بقيت امشي مرفوعة الراس و بقوة ظاهرة ككبرياء عاشقة امام عيون حبيبها , كان هنالك ظل استطعت بحدسي الأسير أن اعلم بوجوده , جلست و كأني انا التي مدعوة على عشاء بمطعم راقٍ , جلس امامي على الطاولة المهترئة , تلك الطاولة التي شهدت خوف و صفقات خائنة و حتى قمة الأنفة و العزة العربية .
قال بصوته الجهوري المائل الى لهجة من بلد عربي قريب : أهلا احلام , كيف حالك اليوم ؟
قلت بنبرتي الكبريائية : بافضل حال , هل أوصلت سلامي الى وطني فلسطين كما طلبت منك المرة الماضية و انا عند الباب ؟
قال و كانه قد ارتبك من تداخل كلمة وطني و فلسطين بنفس الجملة : اه , لا اذكر , لقد طلبت مجيئك الى هنا لسبب واحد و بسيط , لقد قررنا أن نفرج عنك .
قلت كمن اعتاد على الامر و فهم ما الهدف وراء الكلام : المطلوب؟
قال بجدية : ان تكوني عميلة .
قلت و انا اقف : ألم أقل لك أن توصل سلامي الى وطني فلسطين  ؟ هذه المرة قل له ابنتك احلام لن تخونك , سترفع رأسك عاليا و إن لم ترفعه بافعالها , فجسدها بعد موتها سيرفعك الى السماء .
قال بإستهزاء : متى آخر مرة رايتي بها زوجك ؟
هنا قلبي ارتجف بل و كدت ان اقع من الصدمة , قلت و انا اتمنى لو ان نبرتي لا تفضحني : قبل قليل كان معي , حتى انه الان معي , عيناك لا تراه ايها الجاهل .
كنت اعلم ان شتمي له سيؤلمني فيما بعد , لكنه وضع على جرحي ملح و قال اسم زوجي بهذه الجلسة الدونية , هو الذي بدأ بنهايته .
قال : تابعي الاخبار عزيزتي , ستجدي اسمه كنبأ عاجل بالقنوات التلفازية .
قلت : لانه شريف و لانه اعلى من ان يكون مثلك , ستتشرف القنوات التلفازية بأن تعرض اسمه , اما انت فستموت و تتعفن و لن يتذكرك حتى حثالتك التي تدعمك .
أدار بوجهه بعيدا و تجهم , اخرجتني السجانة دون اي كلمات .
كان قلبي يكاد يقف بل انه قد وقف في لحظات , عندما اغلقت السجانة الباب خلفها , هرولت الى الارض و جلست ابكي و انتحب , ابكي حظي , و ابكي حياتي , كنت اشهق من الصمود , لم اتعرف على انوثتي منذ وقت طويل , كنت فقط استرجعها بذكرياتي مع زوجي , كان عشقي الابدي , كان رجلا فلسطيني ذا مبدأ , إنه ذاك الرجل الذي يفرح لان زوجته لم تضعف امام الأسر , كان ذاك الرجل الذي وقف ساعات بين المحكمة و مركز الشرطة و الاعلام و كل ذاك فقط ليحررني .
كان يزورني ليعلمني فقط انه يحبني و يطمئن على حبه في قلبي , لم يكن يشعرني انني وحدي , كان دائما بجانبي حتى عندما لا تراه عيني , من قال ان الحب بالاعين ؟ انها القلوب التي تعشق فقط .
مسكت بطني الذي اشعر الان انه كبير  ,  داريت ما فيه عن الاعين خشية ان يجهضوه رغما عني , علمت انني بشهري التاسع من خلال تلك العصي المرسومة على الحائط بجانب رأسي , جميع السجناء على الارض يحفرون العصي للدلالة على ايامهم في السجن أمّا انا فكنت أحسب أيام خروجي منه منذ علمت نبأ حملي , حيث أني منذ أن سقط طفلي في احشائي من السماء و انا محررة , لكني نسيت باشهري الاخيرة ان احفر العصي فقد كان الضرب و التحقيق أكثر ما يكون خلال اشهري الماضية , استغربت من طفلي و انا اتخيله يقول لي كل يوم : [ امي لا تقلقي فإن كان جسدك الأنوثي سيحتمل ضربهم فأنا يا امي طفل فلسطيني ولدت لكي اتشبث بالحياة أنا لن اموت بسبب ضربهم أنا سأموت حينما اقرر أن اموت فقط لأجل فلسطين ] اطفالنا نحن الفلسطينيات مختلفون , يولدون و في اعيننهم غضب , يكبرون و في اعينهم غضب , حتى يتفجر الغضب يوما و يموتوا على التراب كهيئة غضب .
في الصباح ,و أي صباح قد نمته انا ؟! كنت اجلس وحيدة في الساحة خارج الزنزانة , اتابع بعيني التلفاز , و امسك بطني جيدا كمن يتوسل من الكون ان ينتهي قبل ان يتحقق ما قاله ذاك الشيطاني, كنت اشعر بتعب عميق في جسدي , كما لو ان هلاك الارض يقبع بين شراييني , شكرت ربي ان لي بنية جسمية هزيلة , بحيث انني حامل  و لم يلحظ احد بطني الكبير .
فجاة ارتمى اسمه على الشاشة , و رأيت جثته كاشلاء لا اكثر , اقشعر بدني , و خنقتني دمعة لم تستطع النزول , بكيت بقلبي و لم تنزل دمعة واحدة , صرخت فجأة و تقطعت الاوصال داخلي , لا اعلم هل سألد الان ؟
اجتمعت السجانات حولي و بعض الاسيرات , كنت احاول ان اسكت صرخاتي لكني ما استطعت كانت حنجرتي تتأوه رغما عني, بسرعة طلبن من بعض الرجال الذين يعملون في السجن أن يحملوني الى داخل غرفة .
أتت طبيبة مسرعة و انا لا ارى سوى خيالات و لا اسمع سوى تمتمات , كنت ادعو ربي بقلبي ان يرحم زوجي و يتقبله عنده شهيد و ان يحمي طفلي و يحفظه , ظللت اردد دعائي حتى اغلقت عيناي مرغمة .
فتحتهما و انا لا اشعر بجسدي من التعب , كنت منهكة الى ابعد حد , رأيت نفسي لم اخرج من الغرفة في السجن , لم اكن اتوقع ان يذهبوني الى مستشفى خمس نجوم لكن ليس الى درجة ان يحذفوا كلمة مستشفى .
دخل بعد فترة زمنية قصيرة ذاك المحقق متفاخرا و قال : كنتي ذكية جدا , اسيرة ذكية , استطعت ان تخبأي على الجميع نبأ حملك , و استطعتي ان تمثلي الكبرياء امامي و ترفضي عرضي عليكي , انا الان لن اريحك بأن اقول ان طفلك قد قتلته و لن اقول انني اعطيته لعائلتك , ساجعلك تعيشين على حسرة طفلك و زوجك المرحوم .
قلت و برغم الالم الذي يتملكني من كلماته , لكني كنت اعلم سابقا بان هذه ستكون نهاية طفلي و لطالما تحضرت لهذه اللحظة لكنني لم اتخيل بتاتا انها بذاك الالم , اردت ان اكمل كبريائي و هذه المسرحية الى اخر قطرة فقلت : يا لك من مغفل ! حتى لو علمته اليهودية حرفا بحرف و حتى لو جعلته يكره العروبة و الاسلام , فوالله ثم والله إنه سيكون من يقتلع فؤادك بيديه , لان حق العرب بفلسطين ليس حق تحفظه لان اجدادك رددوه , انه حق سطره التاريخ و يشهد عليه العالم اجمع حتى لو صمتوا ,
 قل موتوا بغيظكم !

بقلم :
شذى البشتاوي

الجمعة، 3 مايو 2013

فتات خارج الأيدي ....[ قلب منسي 12 ]♥♥♥



من : السماء السابعة

منفاي هو حديثي المغترب مع نفسي , ذاك الذي مذ بات الطريق أمامي ليس طريق , بل هو مجرد ممر بين الغرف في بيتي , مذ سكن كل الأرضيين بيتي , و باتوا ينامون في سريري , و ياكلون من مطبخي , و يقلبون القنوات التلفازية على تلفازي , اصبح الكون هو شرفتي , و وجوه البشر مألوفة , أشعر كل يوم أني أمر على نفس الاشخاص و أرى نفس الأيادي تتصافح , اعتدت المألوف حتى خرج المألوف عن معناه في عالمي .
كإمراة في قاعة اوبرا أصرخ , أشجان صوتي و نبرتي الحزينة تجدها بين كل عُربة أنشزها و أخرى , لمست الورقة ,تحسستها أنا التي لا تستعمل الورق إلا لأجمع بها بقايا الأكل من المتنزهين , امسكها الان و أقلب أبجديتها بين يدي بإستهتار مبالغ به ,
و أنا أمرر عيني على كلمات الورقة , تذكرت نفسي تلك الصغيرة في دار اللقطاء حينما أخبرتني صديقتي بالأحرف و تركيب الكلمات ذاك الذي سمعته يوما عندما هربت من الدار بسبب أن سوط المديرة اتعبها , اكهل قلبها , أمست صديقتي لا تخشى من السوط , لا تخشى كباقي الإناث من الندبة التي يخلفها , هي فقط تخشى أن يتشوه جسدها الهزيل و وجهها الذي لا يعترف بالجمال , عندها لن يعرفها والداها إن عادوا مقيدين بحبل الندم . الان عرفت أن صديقتي كانت قبيحة غبية , لا تفهم أن من يضعها بجانب القمامة يساوي بها  منديله الذي بصق به أو منديلها الذي مسحت به ما تبقى من صدأ الليلة الفائتة , هم يتمنون لو أن كلب ما يلتهمها بعيدا عن أعينهم , كي يكملوا عهرهم خلف الأبواب غير مكترثين بنباح كلب أو صريخ طفلة .
من خوفي الذي بدأ يتفاقم بكل لحظة كانت تمر , قطعت الورقة الى قطع صغيرة , صغيرة جدا . رميتها في الهواء كما لو أنني ألوح لمسافر اعلم يقينيا أن باخرته ستغرق , و أنه سيموت و ستكون آخر أنفاسه مقطوعة بالأمل المفقود , و بقايا من ذكرى تدنسها قطرات الماء رويدا , ثم تتركه بسلام يموت بعد ان زجت الخنجر في أعماق قلبه , يا للماء من قاتل مأجور للقدر ! .
لاح الصمت و أطبق على شفتي , صدمت بما تبقى من عقلي , و رحت أمشي كبلهاء في الطريق , قطعت الشارع بدون أن انظر الى وقع قدماي , كادت أن تصدمني سيارة كان بيني و بينها مسلك شعرة فقط , ركضت بسرعة بعد أن توقفت السيارة و خرج صاحبها ليتأكد انه لم يصبني , لكني هربت قبل أن ينطق ببنت شفة , وصلت الى ساحة الحمام , و شعرت حينها بحريتي التي افتقدتها كثيرا قبل لحظات , ذاك الصوت الذي جاء لي زائرا غير مرغوب فيه , أرهق حريتي , و نفاها , لكني الان أعيد الحكم من جديد , و أطالب بإسترجاع ما هو ملكي .
اقشعر بدني حينما لامست أصابع رقيقة فخذتي , نظرت بعيون مرعوبة الى الجمجمة التي تحركها , فإذ بي أقع بين يدي طفلة ذات أربعة أسنان , و شعر أحمر منفوش كذرة تركت بآخر المقلاة حتى احترقت , مدت لي من بين يديها النقيتين [سندويشة ]ملفوفة بورق , تبسمت بوجهها , كنت اتمنى لو انني استطعت ان اقول لها امرا , شعرت بعد ذلك انني قد خلفت طفلة بشعر احمر ستكره الخير لان امراة متسولة عجزت ان تقول لها ثناءا يليق باصابعها .
رحت التهم [ السندويشة ] دون مبالاة بمن حولي , ولا بتفاهة قواعد [ الاتيكيت ] تلك التي تجعلك لا تتلذذ بالطعام , لم يضعها سوى فاقدي الشهية ليجعلوا جميع البشريين بأمعاء خاوية و [ كاريزما ] شبه مثالية .
فجأة شعرت بالصوت يعود من جديد و يردد بنبرة صدى : [ الاجساد لا تموت إلا عندما تسمح للموت أن ياخذها ] نظرت حولي و إذ بي أرى رجلا يلبس ثوبا أحمر دون أي شيء على الثوب , أحمر بنقاوة مخيفة , اقترب مني , لم استطع ان اصرخ , لم استطع ان اركض بعيدا , شعرت بان تنفسي يصارع شيء عاجزة انا عن اللحاق به , وقف الرجل امامي بهيبة و قال بتأنٍ فظيع : [ أنا الوحيد الذي سيمشي بجنازتك إن قامت ] , كلماته أضافت رعبا بنوع آخر الى قلبي عجزت عن الكلام بعده , ثم تابع دون ان ينتظر أن انطق : [ أنا بائس جدا الان , و مستاء لكن ليس عليكي طبعا , على البائع الذي سرقتي قطعة الشوكولاتة منه , على صاحب السيارة الذي سقط مغشي عليه , على الطفلة التي عجزت الان عن النطق , و قبلهم جميعا على صديقتك الذي جعلتها تهرب من الدار و عادت اليه جثة هامدة ] .
افزعتني الكلمات هذه المرة فككت العقدة عن لساني و نطقت : [ لا لا لست أنا .. إنه الصوت .. حتى أنه أوقع الصخرة ... و وضع ورقة على يدي ...  حتى أنني قطعتها و رميتها في الهواء ....و صديقتي هربت من المديرة ... لست أنا السبب ]
قرب وجهه من وجهي و قال بنبرة غاضبة : [ لا صخرة قد وقعت ... و لا فتات في الهواء ... و صديقتك قتلتها غيرتك لا أكثر ]
بدوت مصدومة و أردفت قائلة : [ بلا إنها هناك عند آخر الشارع تستطيع أن تراها من هنا ... ( لففت وجهي الى آخر الشارع فلم اجد شيء, كات حركة طبيعية ... اقدام تتحرك و لا وجود للصخرة ) ... إنتظر إنتظر ... بقيت بضع أوراق في جيبي .. إنها هنا أو هناك ... ( فتشت بجيوبي كلها فلم أجد و لا حتى نيف من ورقة ) ... لااااااا إن هذا جنون .... هناك من يتآمر علي .. لم أفعل شيء ]
اقترب منه ظل في وسط الضباب الذي أنا به .. اكتشفت بعد فترة قصيرة أن هذا الظل فتاة ... و كلما اقترب كانت الملامح تكاد تبان .. و إذ بي اتفاجأ ... إنها صديقتي ...
ركضت إليها أريد إحتضانها .. أريد منها أن تخبره أنني لم أكذب .. لم أفعل شيء بها .. لكن شيء ما دفعني للوراء .
اقتربت مني صديقتي و همست بصوت يكاد لا يذكر : [ سأقتص منك ... أيتها المجنونة .. لقد قتلتني بذاك السحر الذي تمارسينه ]
أردت أن أصرخ .. أن أركض أن ابعدها عني .. ما استطعت ... كان كل شيء واقف حتى الزمن ... تخلل الرعب بداخلي.. علمت أن النهاية باتت أقرب من الوشيكة ... 
اقتربت صديقتي و وضعت قطعة قماش حمراء على فمي ... رويدا أغمضت عيني .. حاولت أن ارفع يدي في آخر رمق ... لكني ما استطعت ...
في اليوم التالي على إحدى الجرائد :
 [ وفاة متسولة في ساحة الحمام ... و الأسباب مجهولة ] 


بقلم :
شذى البشتاوي [ روح شرقية ]

الجمعة، 19 أبريل 2013

الاختباء تحت الجلد [ قلب منسي 11] ....♥♥♥





من : لعنة بأزقة مدينة

خمس دقائق بعد , تلك كانت كلماتي التي توهمتها داخل عقلي و انا أنظر الى قطعة الشوكولاتة خلف الزجاج في محل تنساب من رائحته القهوة و حبوب الكاكاو , و أنا ما زلت أنظر و أمعن في التحديق , سمعت همسا و كأنه حفيف رياح داخل جوفي يردد : [ لا تقلقي ساعطيك منه الان ] , ضحكت قليلا و خفت , لان ذلك الهمس الجوفي ليس ما اعتدت ان اسمعه داخلي و له نبرة مختلفة عن نبرة نفسي , صمت قليلا و تناسيت ذلك الامر , لعل منظر الشوكولاتة يذيب العقل و يغير بالنوتات , فيفعل المنظر  ما يفعله الطعم الذيذ تماما.
مشيت مبتعدة عن المحل بعد ان نبهني ضميري و نظرات البائع داخل المحل , بأن الخمس دقائق قد انتهت و أني يجب ان انصرف الان , رحت اتجول في زقاق المدينة التي امامي , امشي دونما هدي , و كأن خريطة الكون تقبع في فطرتي و بين عيني , لا اريد ان امسك بورق بين يدي و عيناي تمشي على الورقة و تتبعها قدماي .
احيانا ان تكون حر لدرجة ان تمشي بلا أي تفكير بأين ستذهب و لا متى يجب ان تعود و لا تتحسر على صحتك التي قد تتدهور من المشي , هو اقصى درجات الحرية , و امتع النشوات التي قد تصيبنا .
فجأة و انا أمشي و اداري طرف ثوبي المثقوب , و اذ بشخص يركض فيدفعني الى الجدار بقوة , يسقط منه كيس ذهبي و ينظر الي , يشير بيده الى الكيس و الي , كما لو انه يقول بلا صوت بلا كلمات : انه لك . ثم تابع ركضه , تفاجأت منه و من الكيس و من الجدار , لم اتحرك لبضعة ثواني حتى التقطت انفاسي بعد هذه الصدمة , انحنيت قليلا و التقطت الكيس المذهب , كان كيسا بني اللون و عليه خرز ذهبي  و كأنه ماس يلمع , فككت الخيوط المترابطة في اعلاه و فتحته , كان بداخله قطعة ملفوفة يقماش ذهبي صافي , مسكتها و بدأت افتح القماش رويدا رويدا , و انا خائفة , كنت اشعر بان هنالك ضفدع سيقفز في وجهي و انا لطالما كنت اخاف من الضفادع و كل الحشرات , بنفس اللحظة كنت اتمنى لو ان بداخلها جني مثل جني علاء الدين , يخرج مع غبار و سحب كثيفة و يقول لي : [ شبيك لبيك , أنا بين يديك ] كنت ساطلب منه كل الورود على الارض  و كل الشوكولاتة على الارض و كنت ساطلب ايضا بيتا بباب زجاجي و جدران زجاجية , و رجل في الليل اسند راسي على كتفه و انا مطمئنة و هو يحيطني بين ذراعيه بتملك , و يهمس لي بكلام كان ينطقه قباني لبلقيس أو تلك الهمسات التي كان يقولها قيسا لليلى .
فجأة وجدت نفسي و انا امسك بين يدي المصفرتان  قطعة شوكولاتة طويلة , بنفس لون الشوكولاتة التي كنت اشتهيها من بعيد بذاك المحل و حتى بنفس تنفسات صانعها , قطع البندق التي كانت خارجة من سطح الشوكولاتة هي نفسها بنفس المكان و نفس العدد .
تعجبت بل و صدمت , كنت افتح فمي بذهول , رغم اني لا اعلم لم فتحته الان , هل لاني اريد ان اتذوق رائحة الشوكولاتة؟ و ان لا تضيع علي حتى رائحتها؟ , او لاني اريد ان ادرب فمي على ان يفتح استعداد للطعام بعد ان كان يتسرب الى شفاهه و لعابه جهل الهضم و جهل التذوق؟ , ام اني فقط كنت انصدم بل و انذهل من المصادفات ؟.
لا ادري كيف اكملت مسيري , و انا في داخلي صوت يردد مرة اخرى : [ كيف طعمها ؟ ] , كنت اعلم ان الصوت هو الذي جلب قطعة الشوكولاتة . اذكر اني ذات مرة بينما كان مسيري في احدى المدن المتطورة و اذ بي امام [ سينما في الشارع ] تابعت الفيلم و انا اتخيل جميع الارض بيتي و هذه المدينة ليست سوى اريكتي , بل و اريكة رثة , رأيت بذاك الفيلم كيف انه كان هنالك شخصا يتبع البطل لكن الشخص لم يكن يحدثه عبر الروح , فقط كان يستعمل الهاتف المحمول .
وجدت نفسي دون وعي و انا ارد على ذلك الصوت : لذيذة جدا ,, من انت ؟ , كنت اسمع صدى صوتي بشكل مبالغ به داخل جوفي , هذه المرة لم اكن اعلم اين انا و لا اين ساذهب و لا حتى ما امامي ؟ كنت كمن يركز على نفسه , كمن قلبت عيناه الى داخله المشوق , ربما كنت ساُدهس او سأضرب بعربة طفل امامي , من يدري , انا بنفسي لا ادري !
اجاب بلا صوت : ليس السؤال من انا , بل اين انا ! , تعجبت من ذاك الساكن داخلي ,لا يبدو انه  يعرف جوانب مسكنه و لا ترتيبات البلاهة داخلي , انا امرأة لا تعرف ترتيب الكلمات و لا تعرف النقش بالاحرف على الاجساد , يتحدث معي بشيء من الفلسفة , التي حتى لم اعرف كيف انطق اسمها حتى فترة ليست ببعيدة .
اجبته و كأني اعتدته كزائر دائم بلا خوف : لا بد و انك حولي الان , اين انت ؟
قهقه داخلي بضحكة عالية كما لو انها تابعة للشيطان  , جعل اقدامي تتوقف عن المسير و جعل جسدي يتسمر بلا حركة و اكمل هو بلا صوت : اني بجانبك تماما , لا بد و انك نسيتني ! , حسنا توقف الان عن هذه المهزلة , اني قد اكون متعبة من كثرة المشي او من جوعي الكبير , اني بالتأكيد اهذي الان , او ربما احتضر .
لم اسمع صوت داخلي , لم اسمع رده , ظننتي اوضحت مدى تجاهلي له , و انه لا يخيفني , فقد رأيت ما هو ابشع منه طيلة سنين عمري  لكنه فاجأني و قال : حسنا ربما عليكي الان ان تلتفي الى اليمين , الاااااااااااااااان .
و صرخ عاليا داخلي باخر كلمة , فاهتز كياني , نظرت الى اليمين بسرعة و خطوت بدون اي ارادة مني كما لو ان هنالك قوة اجبرتني على التحرك . 
بعد لحظات بل و اقل , سقط بالمكان الذي كنت به قبل قليل صخرة كبيرة جدا كسرت الطريق الذي تحتها , لا ادري من اين اتت هذه الصخرة ! فالمدينة هنا صناعية , المباني التي حولي مغلقة من الاعلى باقواس ملونة , من اين أتت  ؟
لم اتمالك نفسي و صرخت : من انت ؟ , التفت جميع المارة لي و تاكدت اني قد جننت , فمشيت بهدوء بل هرولت .
رجع الصوت خفيفا داخلي : لا تسألي كثيرا , فالجهل نعمة .
غلى الغضب داخلي و بدأ يخرج من انفي و فمي بخار عنيف , بخار كبخار ابريق على النار , و قلت بعنف : اصمت , لا اريد ان اسمع صوتك , اخرج من راسي .
قال بهدوء : ستلعنين نفسك ان رحلت .
قلت بغير مبالاة : ارحل , ألم تجد غيري لتفسد يومه ! 
لم اجد رد , عاد داخلي فارغ , و اختفى الضجيج , عدت اسمع نفسي فقط , عدت اشعر بالامان و انا اكلم نفسي . 
جلست على كرسي بالشارع لالتقط انفاسي , اغلقت عيناي بشدة و كأني اريد محي ما حدث , فتحتهما بهدوء , و رفعت راسي , وضعت يدي على الكرسي و الاخرى على حضني , رفعت يدي لامسح وجهي , و اذ بي اجد قطعة ورق ملصقة بيدي دون اي اداة لاصقة , مكتوب عليها :
[ لا تلعني نفسك من اجلي , ساعود لك ]


الكاتبة :
روح شرقية \ شذى البشتاوي

الجمعة، 5 أبريل 2013

اخر ما كتبته الملائكة [ قلب منسي 10 ]




من : انا عندي حنين ما بعرف لمين

في هذا الكون شيء يدفعنا للصمت , يسلب منا بضع انتصارات و يجلس فوق قلوبنا كمختار على حارة صغيرة أعلن للنساء أن لا يغسلن الثياب الا يوم الثلاثاء مع حضور الماء من النبع . كل شيء كان منظم في عالمها حد الضجيج , حتى المسافة بين قدميها حينما تمشي كما لو ان الملائكة قاستها و لعنت اي أمر يزيد من المسافة  حتى لو  بضع سنتيمرات , غرفتها تلك التي تنبض بشيء من العبق القديم , رائحة الكلوروفلوركربون في الغرفة مع شيء من غبار الكتب , ملمس الاشياء في حضرتها دائما ناعم , حتى الاشواك لا تجرح و الحجر الكلسي يصبح رمادا .
كنت كلما أراها ببنطالها الاسود و قميصها الابيض الرسمي و شعرها المنثور على صدرها بإهمال , ألمح عينيها من وراء نظارتها و أحاول أن اقراهما , لطالما احتل لساني الصمت و ابكاني جبروتها المعتاد , لا أبكي دموع في حضرتها بل اشلاء من دماء .
في ليلة قطعت الشك باليقين و عاهدت نفسي أن اعرف ما سر هذه الفتاة الليلة , لا غدا لا بعد غد لا بعد أن امتلك الشجاعة الكافية بل الان و الان سأذهب .
كنت ارجف من الخوف و اعتقد الان انني لم اكن ارجف فقط من الخوف بل اشعاع جبروتها وصلني حتى من بعيد و اجتاح قلبي و أمرني ان اتراجع, لكن اللهيب الخفي في قلبي دفعني للامام دون أي اهتمام حتى لو تقطعت و اصبحت بلا وجود .
دققت الباب بشيء من الانوثة كنت بها اتوسل ربي ان يبعث مع ملائكته رحمة تخفف من قلبها الكبريائي لو حتى شيء قليل , فتحت الباب بهدوئها المعتاد الذي لطالما لاحظته من بعيد , كان كل شيء تمسكه يهدأ بين يديها , حتى الارض أكاد أقسم انها من تحتها تتحول الى سهول بلا أي مرتفعات او شيء خالف الاستواء فَعَلا .
تذكرت حينما كان هنالك بركة من ماء تحت قدماها وقعت بها بنفسي و تبلل بنطالي باكمله , كنت اعلم انها ستأتي بعد خمسة دقائق بالضبط فهي لا تتاخر مطلقا , و اردت ان ارى كيف ستمر من هنا , فهي  لا تنظر الى الارض حنيما تمشي. دائما عيناها بالسماء كما لو انها تامر السماء بان تحميها , كما لو انها تُحاط بغيوم و قطرات مطر , كما لو انها تعرف ان مكانها في السماء طير بلا حدود .
شعرت باني أطلت البقاء امام عتبة بيتها دون ان انطق بأي كلمة و عندما مر وقت قليل و لم اتكلم و لم تمر الرياح لتعلن ان هنالك حاجز بشري يمنعها من السير أغلقت الباب , استغربت بشدة من هذه الانسانة , أإلى هذه الدرجة ليس لديها فضول لتعرف من انا ؟ أغلقتها ببساطة لاني لم اتكلم ؟ حتى انها لم تسال من الطارق ؟ فقط نظرت الى جسدي و الى وجهي و الى كل شيء حولي ثم اغلقت الباب دون اي اهتمام اكثر من ذلك و اغلقت الباب , هممت بالمغادرة حينما ادرت بجسدي عن الباب , و وصلت الى قرابة اخر بيتها سمعت بضع الكلمات و الهمسات المتقطعة المنبعثة من نافذة بيتها , كان لا بد و ان اعرف شيء, لا يمكن ان تكون شجاعتي ضاعت هباءا مبثورا هكذا , لا بد و ان اتباهى بنفسي بشيء وحيد على الاقل امام نفسي .
اقتربت من النافذة و رأيتها تقلب صفحات كتاب بين يديها تقطعت اوصال عيني من فرط المفاجأة حينما رأيتها تقرأ على طريقة برل للمكفوفين , شعرت بأن تنفسي سيتوقف من المفاجأة بل من الصدمة , نزلت دمعة من عيناي و خرجت شهقة طفيفة من شفتاي , كنت اريد بل كنت اتمنى ان اجثو امام قدماها و اطلب منها السماح , اعتذر عن سوء ظني و اعتذر عن ذاك الغباء الذي اعتقدته , لقد اطلقت عليها صفات بعيدة عنها كثيرا , غمرني شعور بانني ظالمة , تابعت التنقل بعيناي المصدومتان على ارجاء الغرفة , و الصقت اذني بالنافذة فسمعت همسا شديدا بعدما اغلقت الكتاب الذي بين يديها .
سمعتها تنادي شخص ما و تبكي باسمه , ترجوه ان يعود اليها .
ثم فجأة نهضت و احاطت رقبتها البيضاء القاحلة بشال رمادي , خرجت من الغرفة ثم سمعت صوت الباب الذي كنت اقف امامه قبل قليل يفتح , و تخرج منه , قطفت وردة حمراء من قطعة ارض مزروعة على جانب منزلها ثم مضت , استغربت من انها لا تمسك بعصا و لا ترتدي نظارة سوداء و لا تضع اسورة تدل انها مكفوفة , تمشي بخطواتها المعتادة .
تابعتها و في نيتي امران , أولهما فضولي , و ثانيهما انسانيتي التي استيقظت لمساعدة تلك التي امامي في حال احتاجت لمساعدتي .
هذه الفتاة لا تتوقف عن جعلي اتفاجأ بكل تصرفاتها و بشخصيتها منذ اللحظة التي حاربت بها خوفي و اردت ان اتعرف عليها , فللمرة المليون تفاجأني , حيث انها توقفت امام باب المقبرة ثم نادت على الحارس بصوتها الانثوي العذب الذي اعتقد انه من احفاد فيروز تلك التي غنت [ انا عندي حنين ما بعرف لمين ] اتاها الحارس بابتسامة لطيفة ثم قادها دون ان يلمسها الى شاهد تملأه الورود الذابلة و بقايا ورق , لحقت بهما دون ان اشعرهما بوجودي , خفت كثيرا من المكان الذي انا فيه , لطالما كنت ارتعب من القبور و اصدق خرافات الارواح الشريرة , كنت اردد فلترقدي  ايتها الارواح بسلام , فلترقدي ايتها الارواح بسلام , حتى طمئنت قلبي بتصديق خائب .
رجع الحارس الى غرفته و جثت الفتاة على ركبتيها تفرد اوراق الورد الحمراء على القبر و تخرج بضعة اوراق من جيبها , اقتربت منها كي اسمع ما تقول , فقالت :

ها انا يا حبيبي قد جئتك كي امسي عليك في ليلة اخرى لست بها هنا , ها انا يا حبيبي اقطف لك من الارض التي وضعنا ترابها بايدينا و زرعنا بها الورود بايدينا , ها انا يا حبيبي اريك اوراق من الكتاب الذي الصقنا به صورنا و كتبنا تحته اعذب الغزل الذي لم يقراه جنس من البشر , ها انا يا حبيبي اجدد العهد معك حتى لو صرت رمادا , ها انا يا حبيبي اتذكر اخر مرة غازلتني بها عندما كنا بالسيارة بعدها اخذتنا شاحنة و قلبت سيارتنا فاودتك يا حبيبي ميتا و انا بلا عينين , ها انا يا حبيبي ألعن الحياة بدونك و يرفرف قلبي مرة اخرى كما كل المرات التي عشتها بعد ان علمت رحيلك الابدي .
ثم مسكت حفنة من تراب و ألقتها على القبر , انزلت رأسها على القبر و وضعت يداها عليه و بدأت تبكي بنواح طويل شعرت بكل شهقة تأخذها ان روحها تغادر جسدها .
ثم صرخت ...


فلترقد روحك بسلام يا حبيبي , و لترقد روحي بسلام بعدك .


الكاتبة :
روح شرقية

عاشقة بسجن مؤبد [ قلب منسي 9]




من : وفية لحب راحل بلا مأوى 

المرة الثالثة هذه يا سيدي التي اشرب بها القهوة المرة مع الملح , أردت أن اقنع نفسي أن الحياة بها ما هو أمر من الفقد , كانت الحياة بسوء كافٍ ليجعلني انام و انا اضع وسادة فوق رأسي لأمنع أي صوت شهقة يخرج فيفتضح أمري . كما لو أنني عاهرة تابت فخبأت أفعالها  عن الاعين, هل اعجبك النسيان الذي ذهبت اليه حتى امتنعت عن القدوم الى مدينتي ؟
عندما كنت املئ الاوراق باسمك و ازين اطرافها بقلوب حمراء تحيط باسمك , هل ظننتني غبية ؟ عندما كنت اجلس على مقعد القطار و احجز لك بجانبي , هل كنت تظنني ساذجة ؟ لا بد و أن راياتك تطلق الـ [ نعم] برجولة مهترئة .
يكفيني ايها الرجل أن ألمح كتفك الفارع بالسماء بطرف عيني حتى يتوقف الشوق قليلا و يحل محله الحنين الى وضع رأسي على صدرك و انام .أكاد أقسم أنك تظنني انسانة بلا قلب بأحشاء من فولاذ , لا استغرب إن ظننتني جبروت يمشي على الارض لكني امراءة بعاطفة , أقسم أن هنا بين ضلوعي قلب يحمل مشاعرا , يبتسم امام وجه طفولي , يبكي لعجوز تجلس وحيدة بالحديقة , ينتحب لفراقك .
أما زال علي أن أبكيك الى الان ؟ و أبكي الايام و الذكرى الجميلة , أم أبكي على الرجال الذين قدموا حبهم فرفضتهم لأني ملعونة بحبك , أم أبكي على اطفال كان يجب ان يكونوا بجانبي و حولي لولا أني رفضت أن أكون أم لأطفال لم تطلق اسمائهم انت , و لم تكن أول من يهنأ أمهم , و لم تكن من ينادونه أبي , اجهل للآن لم علي أن أبكي ؟ لكني رغم ذلك ما زلت أبكي .
الساعة الان الثانية عشرة , اكتب لك دون ان تقرأ , أكتب لك عن يومي كما كنا , حتى أني اكتب لك للآن الغزل و أخبأه في صندوقي فوق الرف , لم تطله عين للآن ذاك الصندوق و ما فيه , حفظته جيدا و احفظ كل كلمة فيه , كرفات ملك من ملوك الارض مات فحفظ الرفات في هرم بلا ستائر و بلا حب .
اليوم كنت بين صديقتي و عشيقها كنت أسمعهم و أتذكر كلماتنا , كدت أن افقد إحدى الدموع لكني سحبتها بآخر رمق , سمعته كيف يترجاها أن تقول له أحبك و هي تدير راسها و تقول : لا , لانك لم تحضر لي الشوكولاتة خاصتي , فيجيب أنها هناك بجيبه , فتقترب لتأخذها ,ثم يفاجأها و يحتضنها . رغم الألم الذي يسكن داخلي ابتسمت شعرت أن ذكرانا لا تنتهي , تنتقل من عاشقين الى عاشقين , كما لو ان الحب على هذه الارض محدود , يخرج من هذه القلوب ليدخل الى غيرها , بعدل و إنصاف , ترى لو حكم الحب أراضينا هل ستعم السلام بها ؟ 
لا بأس على قلبك لا بأس فإني لا انتظر منك الاجابة . أينما كنت ايها الشارد ايها الراحل بلا مأوى لا باس عليك , لعل الجميلات اللواتي هربن من النيل أن يهربن ايضا الى امام عينيك فتحبهن و تعشق اسمائهن , و تداعبهن بالشوكولاتة و كلامك المعسول .
لعل شيء من النعاس يغشيك عندما تذكر رائحتي و صوتي و همسي , تذكر ايها الراحل ان [لعل ] للرجاء و ليست للتمني , لكني ارجوك ان لا تتذكر غير هذا إذا ما سمعت عني .
إني امرأة شرقية طيبة القلب الى حد السذاجة  و اعترف بذلك , ادعو لمن احببت ان يتزوج من اجمل النساء و ينساني , و انا التي وضعت نفسي بقفص و اغلقت الابواب و رفضت أن  تمد  يدا الى نعشي , إني هكذا أعيش على حب رجل واحد أو اموت لا ثاني لهما .

و إني اخترت ان اموت على خيال صدرك , فإسمح لي أن أتخيل أو أن اموت !

لا أشعر بالضيق ابدا , و لم اتمنى الموت حينما تركت يداك يداي , لا ايها الشرقي لم ابكي حينما رأيتك بعد سنين الغربة التي انتظرتك خلالها ان تعود لي , و انت وفيت بعهدك كما الرجال , لكنك عدت و انت تمسك بين ذراعيك زوجتك .
لا لست اشكي , انني فقط اسرد ما يمكن للرجولة ان تفعل بالانتظار , أرأيت حينما رجعت كراسي المطار؟ , كل كرسي منقوش عليه اثار جلوسي  و انا انتظرك في كل يوم منذ غادرت قدمك ارض الوطن , حفظت كل الرحلات , و حفظت قصص العاشقين في المطار , حتى انني حفظت اصابع المتصافحين وداعا و لقائا , و سردت حبك و قصتنا التي نستيها لكل العشاق هناك كما حالتي .
ربما لم تكن سوى لعنة تخلصت منها الان , ربما انت الان رجل بلا مسمى لدي , اغترب مرة اخرى ايها الساذج , لكن هذه المرة لا تعد بها .هاجر و اترك بصماتك خارج حدود ارضي , لأني نصبت شباكي و قررت ان احمي ما بين ضلوعي من السذاجة و المطارات و القهوة .



الكاتبة:
 روح شرقية 

الى امي






أمي اخبريني بحق السماء التي فوقنا ...


هل فعلا الموت ينهي الاشياء؟


اذا همستي بنعم يا أمي ,


فلماذا قلوب المفترقين تموت و هم أحياء ؟

أمي ...


لعلّ الوجع و الألم في عالم الكبار فقط ...


لعلّ عالم الكبار ليس بشيء جميل , ليس مليئ بفساتين و احمر


شفاه .


ليس فقط عروسة بفستان ابيض و الجميع يرقصون لها .

أمي ..


إنسي أني طفلتك و أخبريني كقارئة طالع ..


تقرء فنجاني على شواطئ المتوسط ...


صارحيني يا أمي ...


هل أن أبكي دموعا أمر اعتيادي؟


هل أن اصمت كثيرا بوجه القدر و هو يصفعني أمر اعتيادي؟



أمي ...


ليتني اعود صغيرة تنافس اخواتها لتجدلي شعرها قبلهن ...


ليتني يا امي ..


ارجع ابكي عندما يغضبني أمر ما بصوت عال


دون ان يهمني اين انا و لا من بالمكان ...

أمي إن لك فتاة كبرت .. لم تتجاوز العشرين ..


أرهقها نبضها ...

الأربعاء، 3 أبريل 2013

حب بين الاموات و الاحياء [ قلب منسي 8]




من : كبرياء ميتة يخنقني 

لففت حول اصبعي قطعة من قماش مخضبة بعطرها , و مشيت , لم أحفل بنظرات حفاة القلوب حولي و لم أشأ أن أنظر إليهم كثيرا , كنت أثق بأني لم افعل يوما امرًا سيء ,و لكن هل بدأت فعله الآن ؟
كان بداخلي ندم طفيف يسري كما هبات النسيم في يوم صيفي بحت , كنت أمشي بخطوات واثقة بأقدام مكبلة بسلاسل تدفعني للخلف تارة و الى الأمام تارة اخرى , يأست في لحظة ما من أني قد أصل إليها يوما , و يأست حتى تخلل اليأس في جسدي و أمساني جثة بديدان تقضمها قضم النيران في بيت من خشب .
ويحي انا بحت لها بأدمعي , و يحي أنا سكبت الجمر في روحي و جعلتها تراني , ويحي أنا تركتها على مشارف المدينة و رحلت , هل كل من يرحل مذنب بحق الحب ؟ هل كل من يرحل يأخذ معه شيء من قدسية الحب و العشق ؟
هل غدرت كلماتي و غدرت اسماء أطفالي التي بنيتها بإسم الحب ؟ هل أنا الان بحكم المطلوب للعدالة ؟ .
ايها القاضي دعني ألقن نفسي الشهادة و انا على مشارف الافصاح عن ذنبي , دعني أخبرها لآخر مرة أني احببتها و أحببت أيامي معها و تلك اللقاءات الخفية , ايها القاضي لا تقسى على قلبي كثيرا فإني رفعت يميني و أقسمت , و في قلبي قسم بحب أبدي , فكيف سيكذب عاشق حينما يقسم بحبه ؟ .
رأيتها بطرف عيني و انا خلف القضبان اتوسد الألم و ارجو الرحمة ان تنزل على قلب سجّاني , كانت تبكي بلا دموع و كانت تأن بلا صوت , نظرت لي بلا عينين , اعرفها جيدا فهي الكبرياء الوحيد الذي اعرفه في حياتي , هي المرأة الوحيدة التي تشعرك بالذنب دون ان تعاتبك , تخجل مما صنعت بحقها و تأسف على حالك من بعدها , دون ان تعاتبك .
استيقظت فجأة من حلمي ذاك المزعج و فركت عيني بقسوة كاني فتاة بجديلتين تداعب الزهور فتجرحها الاشواك , نظرت حولي و إذ بي أرى بياض الحيطان مع زرقة السرير كما لو ان الغرفة عبارة عن جسد ميت محنط , و رأيتها بكل سلام نائمة على السرير و إبرة التغذية في يدها , رجع لي الندم الذي قتلني قبل قليل في الحلم , تأسفت على حالي و على حالها .كانت بداخلي رغبة شديدة ان يكون هذا الواقع حلم ايضا كنت اتمنى بقوة ان ينتهي هذا الوقت او  ان نقفز عشرين سنة للامام و اكون انا بها جالس على طرف بيتي و هي بجانبي يكسونا الشيب و تجاعيد الايام و نضحك انا و هي بل و نقهقه على ايام صبانا و حبنا القديم , ثم نحتسي الشاي بكل هدوء و سلام , شعرت بأن ما اتمناه شيء من فراغ شيء صعب المنال بل مستحيل , و هنا عرفت ان للمستحيل معنى في قاموس الحب كنت اجهله قديما .
محبوبتي تلك التي تقطن الان بين جنبات الألم تلك التي غدرتها أرجوحتها و هي تجلس عليها و ترسل لي في حب قبلات مسروقة و تضحك و انا كنت اقف امامها انظر اليها بحب اداعب خصلات شعرها من بعيد و ارسل لها قبلات مسروقة ايضا , فجأة وقعت عن الأرجوحة و كسرت عنقها , و اكتشفنا فيما بعد ان محبوبتي لن تستطيع الحركة بعد اليوم , الكلام هو اقصى ما ستفعله منذ هذه اللحظة 
حاولت ان ازاحم الالم بقلبها من ذاك الخبر , و ان ازرع حبي في قلبها كل يوم كما الذي يشرح هواه لاول مرة , لكن انكسارات قلبها عاندتني و عينيها الذابلتين حنت شيء من ارادتي , حتى الليلة الفائتة حينما فاجأتني همسا بانها لا تريد ان تعيش , وبختها على كلامها , لكنها صرخت عاليا و قالت :
كيف اعيش انا هكذا ؟ انا التي كنت اطلق قدماي في الهواء فأطير , انا التي كنت انام اينما حط راسي و ارتاح , انا التي كنت اعيش الجنون كعبادة يومية , لا تجعلني انسى حياتي القديمة و اموت يوما ما و انا لا اذكر سوى هذه الحيطان و سريري الازرق و عيناك البائستان .
هزت كياني كلماتها , لكني رفضت لست انا الذي يقتل عشيقته حتى لو ارادت ذلك , نمت في ذلك اليوم في غرفتي في بيتي و على سريري , لم استطع ان انام في حضرة ألمها المكبوت , فهربت الى منفاي .
 ليلا و على حين غرة تلقيت اتصالا من المستشفى و اخبروني ان محبوبتي انتحرت حيث القت بنفسها من على السرير فانُتزع انبوب التنفس من حنجرتها , ما هي الا لحظات حتى فاضت روحها الى السماء .
حينما سمعت الخبر نظرت الى السماء بعينان ابلهتان و بفم مفتوح من الصدمة , و صرخت باعلى صوتي [ لااااااااااااااااااااااا] ثم سقطت على الارض ابكي .
رجولتي أمرتني ان لا امشي بجنازتها و ان لا ارى قبرها , كيف اكون هناك ؟ و انا المسمى بعشقيها و انا الحضن الوحيد المحلل لها ان تبات بين جنباته . 
منذ فاجعتي و انا ارى كابوس القاضي و المحكمة و حضورها الكبريائي كل ليلة , و في كل ليلة اصرخ [ انا مظلوم] و في كل ليلة ينتهي الحلم عندما يوضع حول رقبتي حبل الاعدام و اخر ما اراه في حلمي وجهها الساخر من رجولتي و قسمات وجهها التي تعاتبني لاني لم ازرها في قبرها , كيف ازورها و انا الذي اقسمت بحبي الابدي ان لا اسمح لأي احد او لاي شيء ان يحضنها غيري ؟ و ها انا قد غدرت بقسمي دون حيلة مني .


فلترقد روحك بسلام عشيقتي , و لترتاحي بحضنك الجديد حتى انتصر على روحي 
فتنسحب من جسدي فآتيك .



الكاتبة :
روح شرقية 

الجمعة، 22 مارس 2013

طرحتي السوداء [ قلب منسي 7]




من : اسمعني حين راقصني كلمات ليست كالكلمات 


ظلٌّ كان يلاحقني يلازمني حتى شعرت كأنه أنا إذا ما كنت أنا على الكفوف أُحكى , صوت بداخلي يسري كأنه سكاكين غير حادة تقطع أوصالي بألم مضاعف , مرّرت يدي على أصابعي بحركة توتر عنيفة شعرت بها كما لو أنني فُضحت و ذاع خبر خجلي و خوفي الامتناهي لكل الحاضرين , لم أرفع عيني ابدا عن الارض , لمحت بنظرة خاطفة ذاك الرجل الجالس الى مقابلي ففضولي كان و ما زال شيء يسرق زمام تصرفاتي الى بيني يديه .
لاحظت بتلك النظرة بطرف عيني أنني لست وحدي اتصبب عرقا حتى هو يقاتل يداه لكي لا تخوناه و تفضحاه , لكنهما فضحاه على الملأ و بانت غمازته ببسمة صفراء كما لو أنه يقول , برب الكعبة ما هذا التوتر !
كانت أمه تكلمني بين الحين و الآخر و أنا أرفع عيني لأجيب بكلمتين أو ثلاث و لم اتعدى هذا العدد ابدا في تلك الليلة , شعرت بأنني قد ظهرت كما الساذجة التي لا تعرف الكلام و أنا التي لا يسكن لساني في حلقي دقيقة و لا حتى بالنوم , فلطالما سمعت شكوى اختي بأنني أتكلم في منامي , حتى تركت الغرفة لي وحدي .
رمقتني أمي من بعيد بنظرة توّعد مخيفة فهمت حينها أنني لن أبات الليلة دون أن أسمع نشرة العاشرة حول أين لسانك الذي لا تسكنينه أمامنا ؟و أين لباقتك المعهودة في كلامك مع أي غريب ؟ أين طفولتك الممزوجة مع كبرياء الكبار ؟ أأكلهم الفأر ؟ .
حاولت أن أُلطف الجو و [ أتلحلح ] فمسكت صينية العصير و نويت تقديم العصير للموجودين , كانت مأساتي بأني نظرت الى الجميع و رأيت أنهم جميعهم صامتون , و ذاك هو الصمت الذي ما إن يحضر حتى اتفجر ضحكا , حاولت أن أمثل امامهم أنني أريد ترتيب الكوؤس و قرصت يدي كي لا تخرج صوت ضحكاتي قرصتها بعنف حتى احمرت يدي , و اكتشفت في اليوم التالي أن اللون أصبح أزرق و ذهبنا للطبيب حينها . مسكت الصينية بعد أن هدأت نوبة ضحكي و حاولت أن أجعل اصوات أشخاص برأسي كي لا أضحك من الصمت , و مررت على الجميع و حينما وصلت الى الرجل الذي من المفترض أن يتم الان قراءة الفاتحة على نية زواجنا , حينما اقتربت منه شممت رائحة عطره , فأنا إنسانة أحكم على أي شخص من رائحته و أحكم على الشخص من نوع عطره , فكان من الجيد أنه ذا رائحة جميلة , ولن أبالغ إن أضفت جدا لها , كاد أن يغمي علي من الرائحة الجميلة و ازداد توتري بسبب العطر , همست له من بين ثنايا لساني و أسناني : تفضل . أجابني بهمس آخر : شـ..ر.. .
أظنه كان يقصد أن يقول شكرا , فرددت بهمس أكبر حتى يعجز ان يفهم كلامي و يسهر الليل بطوله يحاول أن يعرف ما كنت اهمس به و قلت : عـ..فـ.. . و من شدة همسي تعمدت ان أقول فقط هذين الحرفين . 
بعد أن قرأ الجميع الفاتحة  وقفت أمه و سلمت علي , شعرت بأني موجودة و كأنني كنت أقول بداخلي [ انا هنا نياهاهاهاها] ثم رحلوا .
عندما خرجت أولى خطواتهم عن باب منزلنا , إنهالت أمي توبخني عما صدر مني من تصرفات جلبت لهم الخزي , و الباقي يعلمه الجميع . في تلك الليلة  لم أنم من الخوف و الحماس و أشياء أخرى , أقول بداخلي [ لقد كبرتي ,, و ستنجبين أطفالا ] لم ياتي للحظة بمخيلتي سوى رائحة ذاك الرجل الذي لم أمتلك في مخيلتي سوى رائحته , و مضيت ليلتي أوبخ نفسي لماذا لم أره , كيف ساتخيل حياتي معه اذا و كيف سأكرهه بادئ الآمر , وماذا ساخبر صديقتي إذا سألتني كيف يبدو ؟ . 
بعد أن تمت خطبتنا التي كانت ضيقة جدا لم يكن بها سوى عائلتنا المقربة جدا لأن بعائلته شخص قد توفى منذ فترة جدا قريبة , و لأنني لم أكن يوما أحب الحفلات قبلت بذلك . 
في تلك الليلة بعد أن رحل الجميع و رحل هو ايضا , وضعت رأسي على وسادتي و رحت أؤنب نفسي لأني لم أره و لم أمتلك في مخيلتي عنه سوى رائحته المميزة جدا , لكن قطع هذه الليلة حبل توبيخي لنفسي صوت دقات هاتفي النقال فرأيت رقم غريب و وضعت احتمال مليون بالمئة أنه هو . 
مسكت الهاتف و فتحت الخط و أوضح لي في البداية أنه هو , دون أي مقدمات سوى التحية , كنت حتى تلك اللحظة أجهل صوته و نبراته و بدى لي أنه إنسان طبيعي لديه صوت مثلنا نحن ,أتصدقون ! ثم رحت أحاول ان اجيب باكثر من ثلاث كلمات حتى بدأتي لدي تتكون جمل من أحرف اللغة العربية جميعها , قد كنت حينها على نصف طبيعتي , حيث أنني في الواقع اتحدث بلغتين لان لغتي لا تكفي لأن تملئ فترة كلامي , شعرت حينها بأنه شخص لطيف تجاذبنا أطراف الحديث بكل مرونة , و اوضح لي كي لا أفهم أنه بطبيعته متوترا بانه تلك الليلة التي قرانا بها الفاتحة  كان الموقف فقط هو الذي وتره لا أكثر , و أنه فعلا حاول أن يمسك ضحكته حينما شعر بالصمت القاتل في الغرفة  فبدأت يحك أسنانه كي لا يضحك و يجعل يده تغوص في وجهه حتى لا تبان للعيان أن ملامحه تضحك و تتفجر ضحكا .
و تلك كانت المرة الاولى التي نتكلم بها , تبعها الكثير من الليالي و الضحكات , كان فعلا بدأ يبدو لي إنسان رائعا , يستحق أن أشاركه حياتي , فقد كان يمتلك الرومانسيه و الغيرة الشرقية , كان يمتلك ملامح الوسامة التي لم أرى منها الكثير , و كان يمتلك أجمل غمازة قد رايتها يوما .
مرت الأيام سريعا و لطالما قال لي أحبك و حبيبتي حتى شعرت باننا خلقنا من أرحام امهاتنا نعشق بعضنا البعض , كنت أخبره بطعامي و كل ما دخل الى معدتي و كان يخبرني كل تحية ألقى بها الى أي شخص , أمضينا ليالي كثيرة نتحدث بها عن حياتنا و اشياء جميلة أخرى , حتى جاء اليوم الموعود يوم زفافي .
كانت تلك قاعة رائعة جدا , و كان الكثير من الاشخاص حاضرين , كنت متألقة بالأبيض الفتان و كان هو ينبض بالجمال الشرقي , حينما حانت اللحظة لدخولنا الى القاعة على أنغام [ طلي بالابيض طلي ] و بالكيفية التي حلمت بها منذ صغري , كان قلبي بمكان أخر غير أضلاعي , فتوتري عاد و خوفي قد عاد و حماسي قد عاد و تلك الاشياء الاخرى قد عادت , تمسكت به جيدا و رحت لا أنظر سوى لعدسة الكاميرا , وصلنا الى منتصف القاعة و ألبسته خاتمه بيساره و ألبسني , ثم رحنا نتراقص على أنغام أغنية [ التايتنك] و أسمعني حين راقصني كلمات ليس كالكلمات , بعدها جلسنا على كرسيينا أمام الجمهور شعرت باني بعد لحظات سوف أقف امام الجميع  و اصرخ : هيا الجميع ايديهم مرفوعين ترا ترا ترا . و أغني كما لو انني نجمة راب أو روك أند رول , لكني توقفت باللحظة الأخيرة.
كانت الموسيقى الموجودة ذات ايقاع مثل نبضات القلب قوية , فزادت دقات قلبي حدة و أخبرته همسا بأن النغمات تزيد من خوفي , هل كان الأمر ينقص النغمات ليزداد توتري ؟ فلم يجب هو سوى أن رفع يدي و قبلها امام الجميع , خجلت كثيرا من حركته و سمعت الكثير من اصوات الصفير و لكني مثلت حينها أنني الغير مبالية الغير خجولة المعتادة على هذا الأمر , لكني لم أنجح بهذا .
انتهى زفافنا على اجمل ما يكون . 
خرجت معه من باب القاعة مبتسمة و هو يغازلني بصوت منخفض , كانت عائلته و بعض أصدقائه يقفون و يباركون قبل أن نهرب الى شهر عسلنا دون توديع , كان الجميع قد بانت على وجوههم نظرة الفرحة التي لا تخالطه اي شعور سيء كان الفرح مثاليا بأعينهم .
فجأة انتفض قلبي كله حينما سمعت طلقات النيران من مسدس أحدهم معلنا عن فرحته , تبدلت بسمتي الى عبوس و خوف , تمسكت برجلي بقوة , مسك يدي و هدأني , أطلق ذاك الشخص طلقة ثانية و هذه لم يكن مصيرها أننا جميعا تسألنا أين يمكن أن تكون قد وصلت الرصاصة ؟ بل عرفنا جميعنا أين انتهت , وقع حبيبي على الارض و الدماء تقطر منه التف الجميع حوله بين صراخ و بكاء , خفت كثيرا حينها و تجمد الدم بعروقي نظر لي بنظرة أجهل كيف أصفها بالكلمات , و امسك بيدي و قبلها و قال لي همسا : احبك . 
ثم ارتخت يده , و سقطت , تزلزلت الارض من اسفلي و شممت رائحة عطره المميز بالانحاء , فقط في تلك اللحظة حفظت ملامحه عن ظهر قلب , و لم يكن بمخيلتي سوى كل شيء عنه ما عدا رائحته .


فلترقد روحك بسلام أيها الهامس الشرقي . 
و انا احبك ايضا أخبرك بها هنا على الملأ فأنت لم تعطيني الفرصة لأجيبك .

الكاتبة :
روح شرقية 

الاثنين، 4 مارس 2013

شيء من حب



راقصتك ليلا على ضوء الشموع
همست لي إن اصبحتي لغيري ساقتلك
فإبتسمت
اخبرتني أن فساتيني القصيرة محرمة على غيرك
فإبتسمت
قلت لي أن أطفالك لن يكون لهم اسماء يوما الا إن كنت امهم
فإبتسمت
قلت لي أن حضنك لن يملأه سوى ذراعي
فإبتسمت

يا رجلا تسللت الى قلبي حتى لم اعد اعرف متى احببتك
ولا متى فتحت لك الباب
يا رجلا أستنشق اسمه حتى ادمنته
يا رجلا أعيش عليه خبزي و مائي و دوائي
يا رجلا حيرني حبه حتى أبكاني

اذا يوما تلوت امامك آيات من القرأن
و رأيتني أركع و أسجد أمام ناظريك
فكن على يقين بان سجدي شكرا لله
فمن أين تحصل امراءة على شرقي مثلك ؟!
بحاجبك ذاك الذي اعشقه
و ابهامك الذي دوما ما أتذكره فأبتسم
اخبرني بالله عليك
هل أرقت دمعك ليلا على وسادتك !
هل عندما رفعت امك يوما امام عينيك يديها
و دعت الله من قلبها ان يجعل زوجتك امراءة صالحة
فكرت بي ؟!

انصت جيدا الى تمتات اطفالنا القادمين
اكاد اسمع صوت خطواتهم الاولى
و اسمع حفيف احمر الشفاه على شفتي ابنتنا
و اسمع صوت امعائك تعتصر في اول جمعة
لنا في بيتنا
و هي تستنجد بما تبقى من طعام محروق
تنظر الى ملابسي التي يغطيها الفحم
و الى الدجاجة التي لم يبقى منها سوى الفحم
و تكاد تبكي
لمااذا ؟؟!!
و بالنهاية ناكل في مطعم قريب من البحر
و تجلس لتتغزل بعيني
و المس اصابع يديك
و اقول لك
يا ايها الشقي ..
جعلتني ادعو ان اكون تحت التراب حينما اكتب لغيرك
و جعلتني اضحك اوقاتا في حين الدمع في عيني
جعلتني أحبك في كل لحظة و كل دقيقة
اتنفسك
و بكل خطوة اراك امامي


احبك

روح شرقية


الثلاثاء، 19 فبراير 2013

رصاصات عذرية [ قلب منسي 6]






من : إمرأة بلا رجل ..

عندما لففت حولي عوضا عن الحرير لفائف من ورق , و عندما كنت اكره دود الكتب أكثر من اي حيون آخر , لم أكن حينها أمثل أني العقل أو أني سددت أنفي عن رائحة الرجال التي تحيط بي , كنت فقط أضيف الملح الى قلبي لأحنطه كي يبقى حيا و ينبض الى أطول ما يمكن لإنسان أن يفعل .

لم اعش لحظة اقل من أي فتاة بمثل عمري , لم انسى رائحة الياسمين عندما يتفتق بين يدي العاشقين , لم انسى عشقي للمطر و توقي لمعانقته و تقبيله حتى لو كان عشقي له سيمرضني و سيرديني جثة هامدة .
لم اكن أبالي ...
لم اكن أبالي إذا السماء ابتعدت عن الارض تشكو قرف الساكنين بها و عهرهم , لم اكن أبكي كثيرا لحلم مزعج و أبقى اسيرة يومي انتظر تحققه بخوف كمن يرى مشنقة اعدامه امام عينيه .
رغم تصلب قلبي و تصخره , الى أني أرى الاحمر لون جميل و ارى الزهور تبكي إذا لم تكن من حبيب الى عاشقته , كنت أسمع نواح القلوب و حفيف الاقدام على رمال الشاطئ و كأنها تجثو و تتوسل من الراحلين العودة , لتقبيل السماء ليلا فقط .

كنت اقف على شاطئ الرحيل كل يوم , احتسي كوب قهوة و بعض رشفات أغاني فيروز , أراقب مرور الايام حتى اعتدت أن تكون الايام متشابهة ككفوف الايدي , و أن الجبال تملك أسرار أبدية توازي بسريتها الكتب السماوية و الانبياء , لم اتسلق جبال الحنين الى شيء غير الحنين الى رؤية أبي كل صباح يبتسم لي الى نصائحه الى قلبه الذي كان يسعني , الى أبي الرجل الوحيد الذي اعترف بأنه رجلا خُلق من الجنة و حفظ الكون و هو في رحم الارض , لكني يا ابي اكرهك احيانا , فلقد جعلت الرجال بجانبك اقتباسات و حواشي منسية , أبي اعذرني حينما اقتلعت قلبك لأجعله ميزان الارض  و محور دورانه , لا تبكي يا أبي في قبرك عنادي و لا تلقي لكلامهم بال فالعنوسة كما قالت مستغانمي امر نسبي فقد تكون امراة بين أطفالها و طفل في احشائها تبكي عنوستها لانها اقترنت برجل من قرون عاف عليها الزمن من قرون في مزبلة التاريخ .

رفعت لك يدي يا ابي , حتى تجد بنصري لم يقم بالعهود بعد , و كفي لم يمُد أمام دجالة ترمي الرماد في عيني و تقلب فنجان قهوتي و تنشز أنغام فيروز فقط لتخبرني بأني كنقوش على جدران معبد قديم محرمة إلا على النساك المتعبدين .

فلترقد روحك يا أبي بسلام .
و لترقد روحي في قلب ما يوما ما .

الكاتبة:
روح شرقية

الخميس، 7 فبراير 2013

حب . com [ قلب منسي 5 ]





من : عاشقة لأنصاف رجل

ككل غصون الارض تيبس كاحلي و سقطت , كنت اشلاء من وجود , كتبت للقمر كتبت للشمس كتبت له , كتبت و كأن الكتابة صديقتي و عدوتي , ملأت صفحات الكتاب بورود الياسمين و زينتها بأكلاليل من قبلات .
كتبت عنك و عن حبي الماضي , كتبت عن ألمي عندما قررتَ أن الفراق مصيرنا و أن لا لقاء بيننا قد يكون , نقشت حماقتي التي أقسمت أني التي ارتكبتها , تلك التي جعلتني أراقص الدموع تحت ضوء شمعة فتيلها ذاب كما ذاب قلبي بإنتظارك .

مارست شعوذتي , أنا التي لا اؤمن باللعنات و حتى الحب , بحضورك سيدي فعلتهما . بحضورك سيدي لبست السواد بعرس الشمس , بحضورك سيدي أديت التحية امام مهرج , و جاملت عذراء أن طفلها كاد ان يصبح رجلا من رجال الحرب , بحضورك سيدي جهات الارض تبدلت حتى القبلة تغيرت , بحضورك سيدي نسيت الألف و الباء و الحاء , نسيت قبلة الارض للسماء , نسيت هيبة الاسماء .

ربطت قبلتي بطائرة ورقية و رفعتها الى السماء عاليا , لا بد و ان ترى قبلتي مرسومة و كانها بفرشاة دافنشي أو بكلمات قباني , كنت اعلم ان لك وجه اجمل ممن حلمت به , كنت اعلم أن المطر على وجنتيك هو جمال الشرق ذاك الذي يتغنون به , كنت أعلم ان وراء كلماتك التي تلقيها علي لكنها لم تصل الي للاسف , كان هناك حاجز زجاجي بيننا , شاشتي التي أكره نورها , لكن رغم ذلك أحببت كلماتك و وصلني حبك بعد الاف الكلمات , و اذنبت بعدها و أحببتك .

كان لا شيء يعنيني سوى اني أحبك , حتى ان لم يظهر القمر الليلة او لم تتراقص عند نافذتي حبات الندى تتسابق الى يدي , ما كان يعنيني اي شيء سوى ان اليوم أحبك و غدا أحبك و كل ليلة الى ألف ليلة احبك , و بعدها سأحبك .
رغم ذلك .
عدت يا ايها الشرقي الى شرقيتك , عدت الى ركوب الفرس و استلال السيوف عدت الى أنفتك و علوك , بعد كوب من القهوة التي لم تمسها حلاوة القصب ولا بساطة أن تحب و فقط . اخبرتني أننا اخطأنا , أخبرتني أنني لا يمكنني أن اعتقد أن نهاية الحب خاتم في بنصر و بعض الفرحات و رقصة على انغام أجنبية و سنعيش معا الى آخر العمر بيننا أطفال و حب و بيت صغير .
لا يمكنني أن اعيش لك ولا أن تعيش لي .
عدت الى شرقيتك
التي تركتها عندما احببتني , تركتها عندما درست أن تعالج القلوب قبل الابدان , تركتها عندما اعلنت لي سرا خلف الابواب أن حبي شطرك أنصاف , و ان معطفك لم يعد يكفي ليجمع الانصاف , و انك تراميت عند كلماتي فقط لتحتسي نبيذ انصافك .

فلترقدي ايتها الانصاف بسلام ,
 و لترقد أنت في حضن امراة شرقية تسقيك قهوتك المرة 
حتى تنتشي .



الكاتبة :
روح شرقية

السبت، 2 فبراير 2013

شيء أسود للآن لم اعرف ما اسمه [ قلب منسي4 ]



 من :  سلالات معدومة بحكم القدر

سأمد يميني و أقسم بحياتي السخيفة و أعترف , أعترف بكل ذنب قد اقترفته , أو أي ذنب تتمنين لو اقترفته . سأعترف أني لم أؤمن بأن القدر يكتب الدموع و النهايات , ذاك القدر الذي وثقت به  حتى وجدت نفسي معلق بحبل حول عنقي و رأسي مغطى بشيء أسود للآن لم اعرف ما اسمه . سأعترف أنّي زير نساء و أنّي المتلاعب بهن , سأعترف بأني التهمت أول سيجارتي و انا ما زلت أضع إبهامي في فمي كل حين , سأعترف أنّي حرفت الكتب و ان التوراة و الإنجيل كانت ألاعيبي , سأعترف أني من هدم القدس على أهلها , سأعترف بما في  الشرق بما في الغرب , سأعترف أني كذبت و سرقت و فعلت السبع المحرمات . لكنهم حينما حكموا على روحي بلإعدام شعرت بأني ظُلمت , بأنهم وضعوا الستار على كل ذنوبي و إتهموني بأكثر شيء لم تمسه يداي .
 لا ايها القاضي , لا ايها الوطن لم أقتلها .

كانت تتلاعب بظفيرتيها المستلقيتان على كتفاها , عندما تراها و هي تلعب بالأرجوحة تشعر بان البراءة و الطفولة ضجيج أمامها , كانت هدوء الكون إذا مات , كانت أكثر اشراقا من حبيبات القمح اذا وصلت موصل النساء . لطالما شعرت أن السماء كانت مجرد انعكاس لعينيها , و الارض لم تمهد سوى عند قدميها . كنت أهرب من نافذة غرفتي حتى ألاقيها و ألعب معها , كنت أسرق رائحة البسكويت و أضعها في شيء أسود للآن لم أعرف ما اسمه , ثم أركض مهرولا إليها و أزج بانفها داخل الشيء الاسود لتلتقط رائحة البسكويت , لتعرف أني كنت احبها كما أحببت البسكويت و اظن أنني بسذاجتي الطفولية كنت أحب البسكويت أكثر .

بعد 10 سنوات قضيتها بين البسكويت و بينها و بين الشيء الاسود الذي للآن لم أعرف ما اسمه , رأيتها تكبر أمام عيني سجلت كل شبر زاد في طولها و سجلت كل شعرة سقطت من رأسها و هي تجدله , سجلت كل دمعة بكتها أمامي , و كل كلمة حب قالتها أمامي , ما زال منظرها و هي تنتظرني تحت شجرة البرتقال في وطني محفورة داخل شيء في كياني . كأي عاشقين رسمنا بضع من  أطفالنا و رأيناهم يكبرون . و كأي عاشق خطفت يداها, أقسم أنّي  لم المس أنعم من يديها يوما و لم أسمع أرق من همسها يوما ,  كان حبها كطيف خفيف الظل اخترقني .  ثم و  بدون سابق انذار و بلا أي  دمعات فراق او ابتسامات خبيثة ابتعدت عنها و ابتعدت عن كل حجر من وطني , تركتها هناك , تلعن حظها و تلعنني , لم أعلم السبب  الذي جعلني ارتكب أكبر حماقاتي للآن .


حينما عدت من غربتي التي خلقتها داخل موطني , بحثت عنها , كنت كمن يبحث عن لؤلؤة في فم محارة هاربة .احتسيت النبيذ لكي اقترب منها فلطالما شعرت انها تحب جنون الثمالة , كانت تحب ان أتداعى امامها , ففي السكر يكون قلبي نقي لا أكذب لا امثل , اكون انا, و لطالما بحثت هي عن جوهري المخدوش المخبأ في مكان ما داخل قلبي.

خرجت من ملوثات الكون الى الارض التي ولدت من رحمها , كنت أتمايل كطفل ما زال يتعلم الحركة , حتى الكلمات كانت تتداعى امامي تتساقط لا أعرف من أين , شعرت بأن هناك قطعة بيضاء من البشرية ملقاة تحت قدمي, حاولت أن أفهم ما الذي أمامي , تحسسته , شممت رائحة الدم  بجانبه , ثم طارت سكرتي مع حاجبي المرفوعين من الصدمة , فجأة شعرت أن بجسمي  قوة خفية تفجرت , بركان خامد اعلن وجوده بعد سنين من السبات , و كأني صعقت بالكهرباء دون ان تتلاشى اجزاء جسمي في كل مكان , و كم كان الألم فظيعا و خانقا حينما علمت أنها هي  !, تلك الساكنة بين الدم المتلثمة به , وضعت رأسها على قدمي و رحت أبكي . رجلا بشاربين و عضلات يبكي أمام الجمال السماوي الملوث بأيدي البشر , لم استطع ان اتحرك و كأن سكرتي عادت لي بتزلزل أكبر , صرخت باسمها بكل ما يمكن للحنجرة ان تقول  , بكل ما يمكن للانسانية أن تحزن , ثم صمتت تلك الحنجرة  الى الابد , الى آخر دقائق عمري .
تلك الدقائق التي قضيتها و انا أتذكرها و أتذكر طفولتي
و اتذكر قطع البسكويت في فمي
حالما سمعت القاضي ينطق بالاعدام , نظرت اليه
لكني لم اكن اراه كنت اراها
هناك تحت شجرة البرتقال تنتظرني , و عندما قلت لها احبك
كيف التفت الي و ابتسمت .
رددت لها الابتسامة و انا امام القاضي
كنت اقول في نفسي : لا تحزني و لا تشعري بالوحدة فها انا قادم اليكي .

ثم  ابتسمت ابتسامة ساخرة لذاك القدر
الذي جعلني التقي بنفس الشيء الاسود الذي لم اعرف ما اسمه للآن
في بداية حياتي .
و ها انا القاه عند اقتراب حتفي
إني أعلم الآن أنه يسخر مني .
و إني اعلم أنه يظن نفسه منتصرا
لكنك لم تنتصر على رجل بلا معارك
بلا هزائم او حتى انتصارات .
و انا اصعد على درج المقصلة
كنت اردد في نفسي :
 لكني لم أقتلها
لم اقتلها
كان هرائهم يبدأ بالتسلل الى قلبي
لكني بآخر لحظاتي تأكدت اني لم اقتلها سوى مرة
في حين قدرها قتلها مرتان
قبلت بالاعدام فقط لأني أعلم اني أكون أفضل بجانبها
فما هي الحياة بدون حبيبتي !
بضع انفاس و قطرات دم ,
 استطيع ان استغني عن هذه الاشياء من اجل ان اعود الى حضنها النقي .


فلترقدا يا روحانا بسلام .
و  يا كاتب التاريخ سجل اسمينا على الواح العاشقين , لكن ارجوك لا تلعننا يوما .

الكاتبة :
روح شرقية