الثلاثاء، 19 فبراير 2013

رصاصات عذرية [ قلب منسي 6]






من : إمرأة بلا رجل ..

عندما لففت حولي عوضا عن الحرير لفائف من ورق , و عندما كنت اكره دود الكتب أكثر من اي حيون آخر , لم أكن حينها أمثل أني العقل أو أني سددت أنفي عن رائحة الرجال التي تحيط بي , كنت فقط أضيف الملح الى قلبي لأحنطه كي يبقى حيا و ينبض الى أطول ما يمكن لإنسان أن يفعل .

لم اعش لحظة اقل من أي فتاة بمثل عمري , لم انسى رائحة الياسمين عندما يتفتق بين يدي العاشقين , لم انسى عشقي للمطر و توقي لمعانقته و تقبيله حتى لو كان عشقي له سيمرضني و سيرديني جثة هامدة .
لم اكن أبالي ...
لم اكن أبالي إذا السماء ابتعدت عن الارض تشكو قرف الساكنين بها و عهرهم , لم اكن أبكي كثيرا لحلم مزعج و أبقى اسيرة يومي انتظر تحققه بخوف كمن يرى مشنقة اعدامه امام عينيه .
رغم تصلب قلبي و تصخره , الى أني أرى الاحمر لون جميل و ارى الزهور تبكي إذا لم تكن من حبيب الى عاشقته , كنت أسمع نواح القلوب و حفيف الاقدام على رمال الشاطئ و كأنها تجثو و تتوسل من الراحلين العودة , لتقبيل السماء ليلا فقط .

كنت اقف على شاطئ الرحيل كل يوم , احتسي كوب قهوة و بعض رشفات أغاني فيروز , أراقب مرور الايام حتى اعتدت أن تكون الايام متشابهة ككفوف الايدي , و أن الجبال تملك أسرار أبدية توازي بسريتها الكتب السماوية و الانبياء , لم اتسلق جبال الحنين الى شيء غير الحنين الى رؤية أبي كل صباح يبتسم لي الى نصائحه الى قلبه الذي كان يسعني , الى أبي الرجل الوحيد الذي اعترف بأنه رجلا خُلق من الجنة و حفظ الكون و هو في رحم الارض , لكني يا ابي اكرهك احيانا , فلقد جعلت الرجال بجانبك اقتباسات و حواشي منسية , أبي اعذرني حينما اقتلعت قلبك لأجعله ميزان الارض  و محور دورانه , لا تبكي يا أبي في قبرك عنادي و لا تلقي لكلامهم بال فالعنوسة كما قالت مستغانمي امر نسبي فقد تكون امراة بين أطفالها و طفل في احشائها تبكي عنوستها لانها اقترنت برجل من قرون عاف عليها الزمن من قرون في مزبلة التاريخ .

رفعت لك يدي يا ابي , حتى تجد بنصري لم يقم بالعهود بعد , و كفي لم يمُد أمام دجالة ترمي الرماد في عيني و تقلب فنجان قهوتي و تنشز أنغام فيروز فقط لتخبرني بأني كنقوش على جدران معبد قديم محرمة إلا على النساك المتعبدين .

فلترقد روحك يا أبي بسلام .
و لترقد روحي في قلب ما يوما ما .

الكاتبة:
روح شرقية

الخميس، 7 فبراير 2013

حب . com [ قلب منسي 5 ]





من : عاشقة لأنصاف رجل

ككل غصون الارض تيبس كاحلي و سقطت , كنت اشلاء من وجود , كتبت للقمر كتبت للشمس كتبت له , كتبت و كأن الكتابة صديقتي و عدوتي , ملأت صفحات الكتاب بورود الياسمين و زينتها بأكلاليل من قبلات .
كتبت عنك و عن حبي الماضي , كتبت عن ألمي عندما قررتَ أن الفراق مصيرنا و أن لا لقاء بيننا قد يكون , نقشت حماقتي التي أقسمت أني التي ارتكبتها , تلك التي جعلتني أراقص الدموع تحت ضوء شمعة فتيلها ذاب كما ذاب قلبي بإنتظارك .

مارست شعوذتي , أنا التي لا اؤمن باللعنات و حتى الحب , بحضورك سيدي فعلتهما . بحضورك سيدي لبست السواد بعرس الشمس , بحضورك سيدي أديت التحية امام مهرج , و جاملت عذراء أن طفلها كاد ان يصبح رجلا من رجال الحرب , بحضورك سيدي جهات الارض تبدلت حتى القبلة تغيرت , بحضورك سيدي نسيت الألف و الباء و الحاء , نسيت قبلة الارض للسماء , نسيت هيبة الاسماء .

ربطت قبلتي بطائرة ورقية و رفعتها الى السماء عاليا , لا بد و ان ترى قبلتي مرسومة و كانها بفرشاة دافنشي أو بكلمات قباني , كنت اعلم ان لك وجه اجمل ممن حلمت به , كنت اعلم أن المطر على وجنتيك هو جمال الشرق ذاك الذي يتغنون به , كنت أعلم ان وراء كلماتك التي تلقيها علي لكنها لم تصل الي للاسف , كان هناك حاجز زجاجي بيننا , شاشتي التي أكره نورها , لكن رغم ذلك أحببت كلماتك و وصلني حبك بعد الاف الكلمات , و اذنبت بعدها و أحببتك .

كان لا شيء يعنيني سوى اني أحبك , حتى ان لم يظهر القمر الليلة او لم تتراقص عند نافذتي حبات الندى تتسابق الى يدي , ما كان يعنيني اي شيء سوى ان اليوم أحبك و غدا أحبك و كل ليلة الى ألف ليلة احبك , و بعدها سأحبك .
رغم ذلك .
عدت يا ايها الشرقي الى شرقيتك , عدت الى ركوب الفرس و استلال السيوف عدت الى أنفتك و علوك , بعد كوب من القهوة التي لم تمسها حلاوة القصب ولا بساطة أن تحب و فقط . اخبرتني أننا اخطأنا , أخبرتني أنني لا يمكنني أن اعتقد أن نهاية الحب خاتم في بنصر و بعض الفرحات و رقصة على انغام أجنبية و سنعيش معا الى آخر العمر بيننا أطفال و حب و بيت صغير .
لا يمكنني أن اعيش لك ولا أن تعيش لي .
عدت الى شرقيتك
التي تركتها عندما احببتني , تركتها عندما درست أن تعالج القلوب قبل الابدان , تركتها عندما اعلنت لي سرا خلف الابواب أن حبي شطرك أنصاف , و ان معطفك لم يعد يكفي ليجمع الانصاف , و انك تراميت عند كلماتي فقط لتحتسي نبيذ انصافك .

فلترقدي ايتها الانصاف بسلام ,
 و لترقد أنت في حضن امراة شرقية تسقيك قهوتك المرة 
حتى تنتشي .



الكاتبة :
روح شرقية

السبت، 2 فبراير 2013

شيء أسود للآن لم اعرف ما اسمه [ قلب منسي4 ]



 من :  سلالات معدومة بحكم القدر

سأمد يميني و أقسم بحياتي السخيفة و أعترف , أعترف بكل ذنب قد اقترفته , أو أي ذنب تتمنين لو اقترفته . سأعترف أني لم أؤمن بأن القدر يكتب الدموع و النهايات , ذاك القدر الذي وثقت به  حتى وجدت نفسي معلق بحبل حول عنقي و رأسي مغطى بشيء أسود للآن لم اعرف ما اسمه . سأعترف أنّي زير نساء و أنّي المتلاعب بهن , سأعترف بأني التهمت أول سيجارتي و انا ما زلت أضع إبهامي في فمي كل حين , سأعترف أنّي حرفت الكتب و ان التوراة و الإنجيل كانت ألاعيبي , سأعترف أني من هدم القدس على أهلها , سأعترف بما في  الشرق بما في الغرب , سأعترف أني كذبت و سرقت و فعلت السبع المحرمات . لكنهم حينما حكموا على روحي بلإعدام شعرت بأني ظُلمت , بأنهم وضعوا الستار على كل ذنوبي و إتهموني بأكثر شيء لم تمسه يداي .
 لا ايها القاضي , لا ايها الوطن لم أقتلها .

كانت تتلاعب بظفيرتيها المستلقيتان على كتفاها , عندما تراها و هي تلعب بالأرجوحة تشعر بان البراءة و الطفولة ضجيج أمامها , كانت هدوء الكون إذا مات , كانت أكثر اشراقا من حبيبات القمح اذا وصلت موصل النساء . لطالما شعرت أن السماء كانت مجرد انعكاس لعينيها , و الارض لم تمهد سوى عند قدميها . كنت أهرب من نافذة غرفتي حتى ألاقيها و ألعب معها , كنت أسرق رائحة البسكويت و أضعها في شيء أسود للآن لم أعرف ما اسمه , ثم أركض مهرولا إليها و أزج بانفها داخل الشيء الاسود لتلتقط رائحة البسكويت , لتعرف أني كنت احبها كما أحببت البسكويت و اظن أنني بسذاجتي الطفولية كنت أحب البسكويت أكثر .

بعد 10 سنوات قضيتها بين البسكويت و بينها و بين الشيء الاسود الذي للآن لم أعرف ما اسمه , رأيتها تكبر أمام عيني سجلت كل شبر زاد في طولها و سجلت كل شعرة سقطت من رأسها و هي تجدله , سجلت كل دمعة بكتها أمامي , و كل كلمة حب قالتها أمامي , ما زال منظرها و هي تنتظرني تحت شجرة البرتقال في وطني محفورة داخل شيء في كياني . كأي عاشقين رسمنا بضع من  أطفالنا و رأيناهم يكبرون . و كأي عاشق خطفت يداها, أقسم أنّي  لم المس أنعم من يديها يوما و لم أسمع أرق من همسها يوما ,  كان حبها كطيف خفيف الظل اخترقني .  ثم و  بدون سابق انذار و بلا أي  دمعات فراق او ابتسامات خبيثة ابتعدت عنها و ابتعدت عن كل حجر من وطني , تركتها هناك , تلعن حظها و تلعنني , لم أعلم السبب  الذي جعلني ارتكب أكبر حماقاتي للآن .


حينما عدت من غربتي التي خلقتها داخل موطني , بحثت عنها , كنت كمن يبحث عن لؤلؤة في فم محارة هاربة .احتسيت النبيذ لكي اقترب منها فلطالما شعرت انها تحب جنون الثمالة , كانت تحب ان أتداعى امامها , ففي السكر يكون قلبي نقي لا أكذب لا امثل , اكون انا, و لطالما بحثت هي عن جوهري المخدوش المخبأ في مكان ما داخل قلبي.

خرجت من ملوثات الكون الى الارض التي ولدت من رحمها , كنت أتمايل كطفل ما زال يتعلم الحركة , حتى الكلمات كانت تتداعى امامي تتساقط لا أعرف من أين , شعرت بأن هناك قطعة بيضاء من البشرية ملقاة تحت قدمي, حاولت أن أفهم ما الذي أمامي , تحسسته , شممت رائحة الدم  بجانبه , ثم طارت سكرتي مع حاجبي المرفوعين من الصدمة , فجأة شعرت أن بجسمي  قوة خفية تفجرت , بركان خامد اعلن وجوده بعد سنين من السبات , و كأني صعقت بالكهرباء دون ان تتلاشى اجزاء جسمي في كل مكان , و كم كان الألم فظيعا و خانقا حينما علمت أنها هي  !, تلك الساكنة بين الدم المتلثمة به , وضعت رأسها على قدمي و رحت أبكي . رجلا بشاربين و عضلات يبكي أمام الجمال السماوي الملوث بأيدي البشر , لم استطع ان اتحرك و كأن سكرتي عادت لي بتزلزل أكبر , صرخت باسمها بكل ما يمكن للحنجرة ان تقول  , بكل ما يمكن للانسانية أن تحزن , ثم صمتت تلك الحنجرة  الى الابد , الى آخر دقائق عمري .
تلك الدقائق التي قضيتها و انا أتذكرها و أتذكر طفولتي
و اتذكر قطع البسكويت في فمي
حالما سمعت القاضي ينطق بالاعدام , نظرت اليه
لكني لم اكن اراه كنت اراها
هناك تحت شجرة البرتقال تنتظرني , و عندما قلت لها احبك
كيف التفت الي و ابتسمت .
رددت لها الابتسامة و انا امام القاضي
كنت اقول في نفسي : لا تحزني و لا تشعري بالوحدة فها انا قادم اليكي .

ثم  ابتسمت ابتسامة ساخرة لذاك القدر
الذي جعلني التقي بنفس الشيء الاسود الذي لم اعرف ما اسمه للآن
في بداية حياتي .
و ها انا القاه عند اقتراب حتفي
إني أعلم الآن أنه يسخر مني .
و إني اعلم أنه يظن نفسه منتصرا
لكنك لم تنتصر على رجل بلا معارك
بلا هزائم او حتى انتصارات .
و انا اصعد على درج المقصلة
كنت اردد في نفسي :
 لكني لم أقتلها
لم اقتلها
كان هرائهم يبدأ بالتسلل الى قلبي
لكني بآخر لحظاتي تأكدت اني لم اقتلها سوى مرة
في حين قدرها قتلها مرتان
قبلت بالاعدام فقط لأني أعلم اني أكون أفضل بجانبها
فما هي الحياة بدون حبيبتي !
بضع انفاس و قطرات دم ,
 استطيع ان استغني عن هذه الاشياء من اجل ان اعود الى حضنها النقي .


فلترقدا يا روحانا بسلام .
و  يا كاتب التاريخ سجل اسمينا على الواح العاشقين , لكن ارجوك لا تلعننا يوما .

الكاتبة :
روح شرقية