الجمعة، 22 مارس 2013

طرحتي السوداء [ قلب منسي 7]




من : اسمعني حين راقصني كلمات ليست كالكلمات 


ظلٌّ كان يلاحقني يلازمني حتى شعرت كأنه أنا إذا ما كنت أنا على الكفوف أُحكى , صوت بداخلي يسري كأنه سكاكين غير حادة تقطع أوصالي بألم مضاعف , مرّرت يدي على أصابعي بحركة توتر عنيفة شعرت بها كما لو أنني فُضحت و ذاع خبر خجلي و خوفي الامتناهي لكل الحاضرين , لم أرفع عيني ابدا عن الارض , لمحت بنظرة خاطفة ذاك الرجل الجالس الى مقابلي ففضولي كان و ما زال شيء يسرق زمام تصرفاتي الى بيني يديه .
لاحظت بتلك النظرة بطرف عيني أنني لست وحدي اتصبب عرقا حتى هو يقاتل يداه لكي لا تخوناه و تفضحاه , لكنهما فضحاه على الملأ و بانت غمازته ببسمة صفراء كما لو أنه يقول , برب الكعبة ما هذا التوتر !
كانت أمه تكلمني بين الحين و الآخر و أنا أرفع عيني لأجيب بكلمتين أو ثلاث و لم اتعدى هذا العدد ابدا في تلك الليلة , شعرت بأنني قد ظهرت كما الساذجة التي لا تعرف الكلام و أنا التي لا يسكن لساني في حلقي دقيقة و لا حتى بالنوم , فلطالما سمعت شكوى اختي بأنني أتكلم في منامي , حتى تركت الغرفة لي وحدي .
رمقتني أمي من بعيد بنظرة توّعد مخيفة فهمت حينها أنني لن أبات الليلة دون أن أسمع نشرة العاشرة حول أين لسانك الذي لا تسكنينه أمامنا ؟و أين لباقتك المعهودة في كلامك مع أي غريب ؟ أين طفولتك الممزوجة مع كبرياء الكبار ؟ أأكلهم الفأر ؟ .
حاولت أن أُلطف الجو و [ أتلحلح ] فمسكت صينية العصير و نويت تقديم العصير للموجودين , كانت مأساتي بأني نظرت الى الجميع و رأيت أنهم جميعهم صامتون , و ذاك هو الصمت الذي ما إن يحضر حتى اتفجر ضحكا , حاولت أن أمثل امامهم أنني أريد ترتيب الكوؤس و قرصت يدي كي لا تخرج صوت ضحكاتي قرصتها بعنف حتى احمرت يدي , و اكتشفت في اليوم التالي أن اللون أصبح أزرق و ذهبنا للطبيب حينها . مسكت الصينية بعد أن هدأت نوبة ضحكي و حاولت أن أجعل اصوات أشخاص برأسي كي لا أضحك من الصمت , و مررت على الجميع و حينما وصلت الى الرجل الذي من المفترض أن يتم الان قراءة الفاتحة على نية زواجنا , حينما اقتربت منه شممت رائحة عطره , فأنا إنسانة أحكم على أي شخص من رائحته و أحكم على الشخص من نوع عطره , فكان من الجيد أنه ذا رائحة جميلة , ولن أبالغ إن أضفت جدا لها , كاد أن يغمي علي من الرائحة الجميلة و ازداد توتري بسبب العطر , همست له من بين ثنايا لساني و أسناني : تفضل . أجابني بهمس آخر : شـ..ر.. .
أظنه كان يقصد أن يقول شكرا , فرددت بهمس أكبر حتى يعجز ان يفهم كلامي و يسهر الليل بطوله يحاول أن يعرف ما كنت اهمس به و قلت : عـ..فـ.. . و من شدة همسي تعمدت ان أقول فقط هذين الحرفين . 
بعد أن قرأ الجميع الفاتحة  وقفت أمه و سلمت علي , شعرت بأني موجودة و كأنني كنت أقول بداخلي [ انا هنا نياهاهاهاها] ثم رحلوا .
عندما خرجت أولى خطواتهم عن باب منزلنا , إنهالت أمي توبخني عما صدر مني من تصرفات جلبت لهم الخزي , و الباقي يعلمه الجميع . في تلك الليلة  لم أنم من الخوف و الحماس و أشياء أخرى , أقول بداخلي [ لقد كبرتي ,, و ستنجبين أطفالا ] لم ياتي للحظة بمخيلتي سوى رائحة ذاك الرجل الذي لم أمتلك في مخيلتي سوى رائحته , و مضيت ليلتي أوبخ نفسي لماذا لم أره , كيف ساتخيل حياتي معه اذا و كيف سأكرهه بادئ الآمر , وماذا ساخبر صديقتي إذا سألتني كيف يبدو ؟ . 
بعد أن تمت خطبتنا التي كانت ضيقة جدا لم يكن بها سوى عائلتنا المقربة جدا لأن بعائلته شخص قد توفى منذ فترة جدا قريبة , و لأنني لم أكن يوما أحب الحفلات قبلت بذلك . 
في تلك الليلة بعد أن رحل الجميع و رحل هو ايضا , وضعت رأسي على وسادتي و رحت أؤنب نفسي لأني لم أره و لم أمتلك في مخيلتي عنه سوى رائحته المميزة جدا , لكن قطع هذه الليلة حبل توبيخي لنفسي صوت دقات هاتفي النقال فرأيت رقم غريب و وضعت احتمال مليون بالمئة أنه هو . 
مسكت الهاتف و فتحت الخط و أوضح لي في البداية أنه هو , دون أي مقدمات سوى التحية , كنت حتى تلك اللحظة أجهل صوته و نبراته و بدى لي أنه إنسان طبيعي لديه صوت مثلنا نحن ,أتصدقون ! ثم رحت أحاول ان اجيب باكثر من ثلاث كلمات حتى بدأتي لدي تتكون جمل من أحرف اللغة العربية جميعها , قد كنت حينها على نصف طبيعتي , حيث أنني في الواقع اتحدث بلغتين لان لغتي لا تكفي لأن تملئ فترة كلامي , شعرت حينها بأنه شخص لطيف تجاذبنا أطراف الحديث بكل مرونة , و اوضح لي كي لا أفهم أنه بطبيعته متوترا بانه تلك الليلة التي قرانا بها الفاتحة  كان الموقف فقط هو الذي وتره لا أكثر , و أنه فعلا حاول أن يمسك ضحكته حينما شعر بالصمت القاتل في الغرفة  فبدأت يحك أسنانه كي لا يضحك و يجعل يده تغوص في وجهه حتى لا تبان للعيان أن ملامحه تضحك و تتفجر ضحكا .
و تلك كانت المرة الاولى التي نتكلم بها , تبعها الكثير من الليالي و الضحكات , كان فعلا بدأ يبدو لي إنسان رائعا , يستحق أن أشاركه حياتي , فقد كان يمتلك الرومانسيه و الغيرة الشرقية , كان يمتلك ملامح الوسامة التي لم أرى منها الكثير , و كان يمتلك أجمل غمازة قد رايتها يوما .
مرت الأيام سريعا و لطالما قال لي أحبك و حبيبتي حتى شعرت باننا خلقنا من أرحام امهاتنا نعشق بعضنا البعض , كنت أخبره بطعامي و كل ما دخل الى معدتي و كان يخبرني كل تحية ألقى بها الى أي شخص , أمضينا ليالي كثيرة نتحدث بها عن حياتنا و اشياء جميلة أخرى , حتى جاء اليوم الموعود يوم زفافي .
كانت تلك قاعة رائعة جدا , و كان الكثير من الاشخاص حاضرين , كنت متألقة بالأبيض الفتان و كان هو ينبض بالجمال الشرقي , حينما حانت اللحظة لدخولنا الى القاعة على أنغام [ طلي بالابيض طلي ] و بالكيفية التي حلمت بها منذ صغري , كان قلبي بمكان أخر غير أضلاعي , فتوتري عاد و خوفي قد عاد و حماسي قد عاد و تلك الاشياء الاخرى قد عادت , تمسكت به جيدا و رحت لا أنظر سوى لعدسة الكاميرا , وصلنا الى منتصف القاعة و ألبسته خاتمه بيساره و ألبسني , ثم رحنا نتراقص على أنغام أغنية [ التايتنك] و أسمعني حين راقصني كلمات ليس كالكلمات , بعدها جلسنا على كرسيينا أمام الجمهور شعرت باني بعد لحظات سوف أقف امام الجميع  و اصرخ : هيا الجميع ايديهم مرفوعين ترا ترا ترا . و أغني كما لو انني نجمة راب أو روك أند رول , لكني توقفت باللحظة الأخيرة.
كانت الموسيقى الموجودة ذات ايقاع مثل نبضات القلب قوية , فزادت دقات قلبي حدة و أخبرته همسا بأن النغمات تزيد من خوفي , هل كان الأمر ينقص النغمات ليزداد توتري ؟ فلم يجب هو سوى أن رفع يدي و قبلها امام الجميع , خجلت كثيرا من حركته و سمعت الكثير من اصوات الصفير و لكني مثلت حينها أنني الغير مبالية الغير خجولة المعتادة على هذا الأمر , لكني لم أنجح بهذا .
انتهى زفافنا على اجمل ما يكون . 
خرجت معه من باب القاعة مبتسمة و هو يغازلني بصوت منخفض , كانت عائلته و بعض أصدقائه يقفون و يباركون قبل أن نهرب الى شهر عسلنا دون توديع , كان الجميع قد بانت على وجوههم نظرة الفرحة التي لا تخالطه اي شعور سيء كان الفرح مثاليا بأعينهم .
فجأة انتفض قلبي كله حينما سمعت طلقات النيران من مسدس أحدهم معلنا عن فرحته , تبدلت بسمتي الى عبوس و خوف , تمسكت برجلي بقوة , مسك يدي و هدأني , أطلق ذاك الشخص طلقة ثانية و هذه لم يكن مصيرها أننا جميعا تسألنا أين يمكن أن تكون قد وصلت الرصاصة ؟ بل عرفنا جميعنا أين انتهت , وقع حبيبي على الارض و الدماء تقطر منه التف الجميع حوله بين صراخ و بكاء , خفت كثيرا حينها و تجمد الدم بعروقي نظر لي بنظرة أجهل كيف أصفها بالكلمات , و امسك بيدي و قبلها و قال لي همسا : احبك . 
ثم ارتخت يده , و سقطت , تزلزلت الارض من اسفلي و شممت رائحة عطره المميز بالانحاء , فقط في تلك اللحظة حفظت ملامحه عن ظهر قلب , و لم يكن بمخيلتي سوى كل شيء عنه ما عدا رائحته .


فلترقد روحك بسلام أيها الهامس الشرقي . 
و انا احبك ايضا أخبرك بها هنا على الملأ فأنت لم تعطيني الفرصة لأجيبك .

الكاتبة :
روح شرقية 

الاثنين، 4 مارس 2013

شيء من حب



راقصتك ليلا على ضوء الشموع
همست لي إن اصبحتي لغيري ساقتلك
فإبتسمت
اخبرتني أن فساتيني القصيرة محرمة على غيرك
فإبتسمت
قلت لي أن أطفالك لن يكون لهم اسماء يوما الا إن كنت امهم
فإبتسمت
قلت لي أن حضنك لن يملأه سوى ذراعي
فإبتسمت

يا رجلا تسللت الى قلبي حتى لم اعد اعرف متى احببتك
ولا متى فتحت لك الباب
يا رجلا أستنشق اسمه حتى ادمنته
يا رجلا أعيش عليه خبزي و مائي و دوائي
يا رجلا حيرني حبه حتى أبكاني

اذا يوما تلوت امامك آيات من القرأن
و رأيتني أركع و أسجد أمام ناظريك
فكن على يقين بان سجدي شكرا لله
فمن أين تحصل امراءة على شرقي مثلك ؟!
بحاجبك ذاك الذي اعشقه
و ابهامك الذي دوما ما أتذكره فأبتسم
اخبرني بالله عليك
هل أرقت دمعك ليلا على وسادتك !
هل عندما رفعت امك يوما امام عينيك يديها
و دعت الله من قلبها ان يجعل زوجتك امراءة صالحة
فكرت بي ؟!

انصت جيدا الى تمتات اطفالنا القادمين
اكاد اسمع صوت خطواتهم الاولى
و اسمع حفيف احمر الشفاه على شفتي ابنتنا
و اسمع صوت امعائك تعتصر في اول جمعة
لنا في بيتنا
و هي تستنجد بما تبقى من طعام محروق
تنظر الى ملابسي التي يغطيها الفحم
و الى الدجاجة التي لم يبقى منها سوى الفحم
و تكاد تبكي
لمااذا ؟؟!!
و بالنهاية ناكل في مطعم قريب من البحر
و تجلس لتتغزل بعيني
و المس اصابع يديك
و اقول لك
يا ايها الشقي ..
جعلتني ادعو ان اكون تحت التراب حينما اكتب لغيرك
و جعلتني اضحك اوقاتا في حين الدمع في عيني
جعلتني أحبك في كل لحظة و كل دقيقة
اتنفسك
و بكل خطوة اراك امامي


احبك

روح شرقية